بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال الله تعالى: {وما تُقدِّموا لأنفُسِكُم مِن خيرٍ تجدوهُ عند الله هوَ خيراً وأعظَمَ أجراً} المزمل/20
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من رجل يعودُ مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف مَلَك يستغفرون له حتى يُصبح وكان له مَخْرفَة في الجنة ومن خرج مصبحاً خرج معه سبعون ألف مَلَك يستغفرون له حتى يُمسي وكان له مَخْرفَة في الجنة " رواه الحاكم في المستدرك.
إنّ الإسلام دينٌ عظيم شرع الله لنا فيه ما فيه صلاحُنا في الدنيا وفلاحنا في الآخرة، ورضي لنا هذا الدين الحنيف الذي مهما حاول أعداؤه أن ينالوا منه ويكيدوا له ولأهله ويشيعوا الأباطيل والافتراءات فإنهم ولا شك عاجزون عن أن يجدوا فيه نقصاً أو عيباً.
والرسول صلى الله عليه وسلم أعطى إهتماماً كبيراً لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين المسلمين. فقد حضَّ على برِّ الوالدين وإطاعتهما وعلى صلة الارحام وعيادة المريض في حين نجد في المجتمعات المبنية على أنطمةٍ وقوانينَ وضعيةٍ فاسدة، التفككَ الحاصل بين أفراد العائلة الواحدة: إذا بلغت الفتاة سناً ما خرجت عن طاعة والديها وعاشرت من تشاء وفعلت ما يحلو لها وكذلك الشاب.
الأخ لا يتعرف على أخيه، والولد لا يعرف عمه والزوجة تتخذ لنفسها العشاق، كلٌ مشغول بحياته وملذاته، إلى أن وصل الامر في أحد البلدان الاوروبية أن بلغت فيه نسبة الولادات من غير زواج السُدس.
زيارة المسلم المريض
وإنّ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه دعوة للتضامن الإجتماعي والتآلف والتوادد. فالمسلم الذي يعود مريضاً مسلماً ممسياً أي في وقت المساء وهو ما بعد غروب الشمس خرج معه سبعون ألف مَلَكٍ يستغفرون له حتى يُصبح ويكون له مَخْرفَةٌ أي بستانٌ في الجنة.
ومن خرج لزيارة المريض صباحاً أي بعد الفجر خرج معه سبعون ألف مَلَك يستغفرون له حتى يُمسي ويكون له بستان في الجنة. فمن بكّر في عيادة المريض المسلم كان ثوابه أعظم، فبدل أن يزوره عند الظهر إذا ذهب بعد طلوع الشمس يكون أكثر فائدة ونفعاً له لأنّ الملائكة يخرجون معه من وقت خروجه لعيادة هذا المريض المسلم فيستغفرون له إلى آخر النهار. وكذلك من يريد أن يعود المريض بعد المغرب فإنه إذا بكّر يكون أكثر ثواباً مما لو خرج بعد ثلاث ساعات أو ساعتين من غروب الشمس.
ومما يكسبه المسلم بعيادة المسلم المريض أنّ الله يجعل له بستاناً في الجنة. والبستان في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها.
فما من شجرة في الجنة إلا وساقها من ذهبٍ وثمارُها غير مقطوعة ولا ممنوعة إلى أبد الآباد. كلما قطع الرجل من أهل الجنة ثمرةً عاد مكانَها مثلُ التي قطفها.
وطعم ثمار الجنة لا يقاس بطعمِ ثمارِ الدنيا، وكذلك الرائحة لا نسبة بينهما، وكذلك حُسن المنظر لا نسبة في ذلك بين ثمر الجنة وثمر الدنيا إلا أنّ الاسم واحد. هنا في الدنيا يوجد نخل وتمر ورطب وهناك في الجنة تمر ورطب وهناك التفاح والتين وغير ذلك، كل ثمار الجنة تتفق مع ثمار الدنيا في الاسم أما من حيث الطعم والمنظر والرائحة فلا نسبة بينهما.