قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه " الفوائد ":
(( هجر القرآن أنواع:
أحــــدهـا:
هجر سماعه والإيمان به، والإصغاء إليه.
والـثـانــي:
هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والـثــالـث:
هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والـــرابــع:
هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس:
هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهدر التداوي به.
وكل هذا داخل في قوله: { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} [ الفرقان:30].
وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
وكذلك الحرج الذي في الصدور منه:
ـ فإنه تارة:
يكون حرجا من إنزاله، وكونِهِ حقا من عند الله .
ـ وتارة:
يكون من جهة المتكلــِّم به، أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألْهَمَ غيرَه أن تَـكَلَّم به.
ـ وتارة:
يكون من جهة كفايته وعدمها، وأنه لا يكفي العباد، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات، والأقيسة، أو الآراء، أو السياسات.
ـ وتارة:
يكون من جهة دلالته وما أريدَ به حقائقُه المفهومة منه عند الخطاب، أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة.
ـ وتارة:
يكون من جهة كون تلك الحقائق ـ وإن كانت مرادة ـ فهي ثابتة في نفس الأمر، أو أوهم أنها مرادةٌ لضرب من المصلحة.
فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم، ويجدونه في صدورهم.
ولا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تخالف بدعته، كما أنك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته.
فتدبـــــــــــر هذا المعنــــى، ثم ارض لنفسك بما تشــــــــاء )) اهـ.
االلهم أجرنا من كل ذلك.