اشراقة امل ـ اقتباس
بسم الله الرحمن الرحيم
إشراقةِ أمَل
كم مِن مُذنبٍ طالَ أَرَقُه
واشتَدَّ قَلَقُه
وعَظُم كمَده
واكتَوَى كَبِدُه،
يَلفُّه قَتارُ المعصِيَة، وتعتَصِره كآبَة الخطيئَة، يلتمِس نَسيمَ رجاءٍ،
ويَبحَث عَن إشراقةِ أمَل، ويَتَطلَّع إلى صُبحٍ قريبٍ يُشرِق بنورِ التّوبةِ
والاستقامةِ والهِدايةِ والإنابةِ؛ ليذهَبَ معها اليأسُ والقُنوط، وتنجلِي بها
سحائِبُ التّعاسَة والخوفِ والهلَع والتشرُّد والضَّياع. وإنَّ الشعورَ
بِوَطأةِ الخطيئةِ والإحساسَ بآلامِ الجريرةِ والتوجُّع للعَثرةِ والنّدمَ على
سالِف المعصيةِ والتأسُّفَ على التفريط والاعترافَ بالذّنبِ
هو سبيلُ التصحيحِ والمراجعةِ وطريقُ العودَة والأوبَة.
وأمّا رُكنُ التوبةِ الأعظَم وشَرطُها المقدَّم فهو الإِقلاعُ عن المعصيةِ
والنّزوعُ عن الخَطيئةِ، ولا توبةَ إلا بفِعلِ المأمورِ واجتِناب المحظور
والتخلُّصِ من المظالم وإِبراءِ الذمّةِ مِن حقوق الآخَرين. ومَن شاء لنفسِه
الخَيرَ العَظيم فَليُدلِف إلى بابِ التوبَةِ وطريقِ الإيمان، وليتَخلَّص من
كلِّ غَدرَة، وليُقلِع عن كلِّ فَجرَة، فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ
[التوبة:74]، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
يَستـوجِبُ العفوَ الفتى إذا اعترَف ثم انتهَـى عمّا أتـاه واقترَف
لقولِه سبحانه في المعتَرِف: إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
[الأنفال:38].
التّوبةُ خضوعٌ وانكِسَار
وتذلُّل واستِغفارٌ
واستِقَالَة واعتِذارٌ
وابتِعَاد عن دواعِي المعصيَةِ ونوازِع الشرِّ ومجَالس الفِتنة وسُبُل الفسادِ
وأصحابِ السّوءِ وقرَناء الهوَى ومُثيراتِ الشرِّ في النفوس.
التَّوبةُ صفحةٌ بيضاءُ
وصفاءٌ ونقَاء
وخشيَة وإشفاقٌ وبُكاء
وتَضرُّع ونداء
وسؤالٌ ودُعاء
وخَوفٌ وحَياء.
التوبةُ خَجَل ووَجل ورُجوع ونُزوع وإِنابةٌ وتَدارُك، نجاةٌ مِن كلّ غَمّ،
وجُنَّةٌ من كلّ مَعرَّةٍ وهمّ، وظفَرٌ بكلِّ مطلوبٍ، وسلامةٌ من كلّ مَرهوب،
بابُها مفتوحٌ وخَيرُها ممنوح مَا لم تغرغِرِ الروح،