#1
|
|||||||||
|
|||||||||
![]()
سفراء الأخلاق (خطبة)-1
د. خالد بن حسن المالكي الخطبة الأولى الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فيا أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي أساس السعادة وسِرُّ النجاح في الدنيا والآخرة، والتقوى تزيد في القلوب الخشوع، وفي الأرواح الصفاء، وفي المعاملات الحسن، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]. وإن من تمام التقوى أن نتحلَّى بمكارم الأخلاق، فهي زينة المؤمن وسببٌ لمحبة الله ورضاه، كما أنها جسرٌ متينٌ بين الإنسان وربِّه، وبين الناس بعضهم البعض. إن الأخلاق هي عنوان الأمة، وهي التي تميز مجتمعًا عن آخر، وأمة عن أمة. الأمة التي تتحلى بالأخلاق هي أمة متماسكة، قوية، قادرة على الصمود أمام التحديات؛ ولهذا جاءت رسالة الإسلام لترسيخ مكارم الأخلاق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارم الأخلاق"، فهذا الحديث يلخص رسالة الإسلام التي جاءت لإكمال مكارم الأخلاق وتأسيس مجتمع مثالي قوامُه الحبُّ والتسامح. أيها الأحبة، إن الأخلاق الكريمة تشمل العديد من الفضائل التي تجعل المسلم قدوةً حسنةً، وتساعده على تحقيق رِضا الله والنجاح في الدنيا والآخرة. ومن هذه الفضائل الصدق، فالصدق أساس الثقة والأمان، وهو حجر الزاوية لبناء علاقات سليمة متينة بين الأفراد والمجتمعات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البِرِّ، وإن البِرَّ يهدي إلى الجنة". الصدق ليس فقط في القول، بل هو منهج حياة ينبغي أن يسير عليه المؤمن في كل أعماله وتعاملاته. وكذلك من الأخلاق التي حثَّ عليها الإسلام الأمانة، فقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]. إن الأمانة تشمل الحفاظ على الأموال والعهود والأسرار، وهي عنوان الشخصية الصالحة، ولا شك أن من اتَّصَف بها اكتسب ثقة الناس وحبهم، وإن ضياع الأمانة من علامات ضعف الإيمان؛ إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له". معاشر الإخوة الكرام، إن الأخلاق الكريمة تجعلنا قريبين من الناس، وتجعلنا قادرين على تكوين علاقات مليئة بالمحبة والمودة، وقد شَبَّه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في تعاطُفهم وتراحُمهم بالجسد الواحد، فقال: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى". عباد الله، إن الأخلاق الحميدة تجعل المسلم يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه، وتجعله متفهمًا لظروف الآخرين، صبورًا على ما يلاقيه منهم، ومسارعًا في مساعدتهم عند الحاجة. وإن هذا التراحُم والتواصل والتعاون من أهم ما يجب أن نزرعه في قلوبنا، فالأخلاق ليست فقط تصرفات عابرة، بل هي أساس تقوم عليه الأمة. إذا صلحت أخلاق الأمة صلحت أحوالها، وإذا فسد خلقها فإنها تسقط في الفتن والنزاعات، ولا تجد سبيلًا إلى النهضة والتقدم. اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ![]() |
![]() |
|
, |
|
|