بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير)أخرجه مسلم،هل هذه القلوب مثل أفئدة الطير في صغر الحجم،فلا مكان فيها لغير
الخير،أم هي كما يقول النووي رحمه الله،في شرح صحيح مسلم،قوله صلى الله عليه وسلم،يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير،مثلها في رقتها وضعفها،والطير أكثر
الحيوان خوفاّ وفزعاّ كما قال الله تعالى(إنما يخشى الله من عباده العلماء)وكان المراد قوم غلب عليهم الخوف كما جاء عن جماعات من السلف في شدة خوفهم متوكلون على
الله)مثل الطير التي هي أعظم المخلوقات توكلاً على الله, تجده يخرج في الصحراء لا يدري هل يلقى حبّاً أو لا يلقى, فيلقى حبّاً ويملأ الله بطنه طعاماً بدون حيلة،وهذا نابع من
الإيمان،وهي تشمل كل المؤمنين رجالاً ونساءً،وشباباً وأطفالاً ،سرعة التأثر وسرعان ما تذرف العين،والاستجابة للحق،وسرعة الاتعاظ والتذكير،وكره الظلم،ومراعاة مشاعر
الغير واحترامها والاجتهاد في التلطف والحذر في أن يمسها بسوء،والتفاعل مع من حوله والاهتمام بمشاعرهم فرحاّ وحزناّ،والتفكير في الآخرين،فإذا عجز عن مد يد
العون، فأقل شيء أن يحمل همهم في قلبه وعقله،ومن الصفات التي يتسم بها أصحاب القلوب الرقيقة،والتي هي كأفئدة الطير،
لين من غير ضعف،وقوة من غير عنف،أي هيبة
أو حزم من غير شدة وثقة بالنفس من غير غرور أو تكبر،وأن
يحب ويبغض ويعطي ويمنع لله،كذلك من أعظم المعاني في هذا الحديث،أن صفة التوكل من أعظم ما نتعلمه
من الطير،فالطير تحّقق التوكل الكامل والصادق،فلا أسباب لها تعتمد عليها إلا السعي،لذلك على الأمة أن تعلم أنه كلما تحققت في القلب منزلة التوكل،كلما تحققت
الكفاية من الله،وتأمل في قوله تعالى(ومن يتوكل على الله فهو حسبه)فهي معادلة كلما زاد التوكل زادت الكفاية والحماية،وكلما قل التوكل الحقيقي قلت الكفاية،ووكلنا الله إلى
أنفسنا،وهذا المعنى جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم،من حديث عمر بن الخطاب،فيما رواه الترمذي(لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير
تغدوا خماصاً وتروح بطاناً)لأننا لا نشك في كفاية الله لعباده المؤمنين،وقد قال سبحانه(أليس الله بكاف عبده)فكلما تعلقت القلوب بربها،وتمسكت بدينه،وأقامت شريعته،بل
تيقنت تمام اليقين أن الله هو الرزاق،لذلك نحتاج أن نتعلم من الطير،فتتحقق السعادة الأخروية،والعز والتمكين في الدنيا،ما أجمل أن نضع هذا الحديث أساساّ لحياتنا،ونتعلم
من الطير هذه الصفات الرائعة.