[align=center] بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة في الديمقراطيات الغربية ما تزال مواطنة من الدرجة الثانية
تفاجئنا المؤلفة باستنتاج صارم يقول أن المرأة في الديمقراطيات الغربية ما تزال مواطنة من الدرجة الثانية رغم كل التقدم الذي تحقق.
نطالع من عنوان (من أجل مواطنة جديدة) ضمن (تقديم المراجعة) هذه التعريفات:
هذا كتاب بالغ الأهمية ولا غنى عنه للحركة النسائية العربية الجديدة وللأحزاب ولمنظمات حقوق الإنسان كافة التي انشغلت ولا تزال بقضية المواطنة، فالكتاب يعالج مواطنة المرأة في الديمقراطيات الليبرالية الغربية منظوراً إليها من زوايا مختلفة تعكس تنوع وثراء النظريات النسوية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين وهي نظريات ترددت أصداؤها في واقعنا العربي بصور شتى.
ورغم هذا التاريخ الحافل الذي واكبته حركة نسوية متنوعة وكبيرة اشتغلت في مناخ ديمقراطي ودون تابوهات بعد أن جرى فصل الدين عن السياسة، وتراجع نفوذ الكنيسة على المجتمع حين خسرت الكنيسة الكاثوليكية آخر معاركها مع الحركة النسائية والديمقراطية عامة حول الطلاق الذي أصبح مباحاً رغم تحريمها له.
وإذا كانت قضية النساء في الديمقراطيات الغربية لا تتعلق بالحقوق مثلما تتعلق بالمشاركة، كما تقول المؤلفة، فإن قضيتنا نحن النساء العربيات تتعلق بكل الحقوق و المشاركة مضافاً إليها... البنية التقليدية الراكدة للمجتمعات العربية المكبلة بالاستبداد.
ونطالع من عنوان (تمهيد المترجمين(1)) هذا الرأي:
الدافع وراء اختيارنا هذا الكتاب للترجمة يتصل بخواء الثقافة العربية العميق فيما يتصل بالفكر النسوي وتياراته المختلفة وتاريخه الممتد في الثقافة الإنسانية. ولا نقصد بالخواء خلو المكتبة العربية – أو القوانين المنظمة للدول – من نصوص تحاول تحقيق العدالة بين شقي الجنس البشري، وإنما نشير إلى عدم قدرة الوعي الجمعي بصورة عامة على تمثل أفكار الحرية والمساواة والعدالة المتضمنة في الكتب أو القوانين، ربما بسبب سطحية الجدل الدائر في هذه المساحة وعدم تعقده بصورة قادرة على المساس العميق بالمشكلات المزمنة والمتراكمة في مجتمعاتنا، وهي الحال التي وصلت لدرجة وقوف النساء أنفسهن في كثير من الأحيان – وإن ظاهرياً من باب التقية – ضد أفكار التحرر والمساواة تلك. نحتاج إذن الإضافة والتنويع في الجهد الذي يمس قضايا حقوق المرأة التي تعد – دون مبالغة – مؤشراً أساسياً لمدى تطور الأمم وعلامة على درجة تحضرها.
ومما نطالع من الـ(مقدمة) هذه التوثيقات:
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هيمنت النظرية الليبرالية الاجتماعية على مجال المواطنة citizenship في الديمقراطيات الليبرالية الغربية. تخبرنا هذه النظرية بأن حقوق المواطنة أصبحت مكفولة فعلاً لكل البالغين الذين ولدوا على أرض أية دولة غربية، كما تخبرنا بأننا قد تخلصنا من اللامساواة السياسية، بعد اختفاء كل من نظام العبودية والنظام الإقطاعي، وبعد أن صار البالغون جميعهم متمتعين بحق الاقتراع، وهو ما يعني أنه في الحياة العامة صار كل أفراد المجتمعات الغربية متساوين من حيث الوضعية القانونية والحقوق المدنية.
هكذا يصعب أن تنسق الليبرالية الاجتماعية social liberalism مع فكرة أن المرأة لم تزل تحتل مكانة ثانوية في الحياة العامة، وهي الفكرة التي تؤكدها قلة المواقع القيادية التي تشغلها النساء في كل من: السياسة، والاقتصاد، والجامعة، والجيش، والمؤسسة الدينية، والقضاء، والإعلام... بعبارة أخرى تبدو النساء مواطنات من الدرجة الثانية.
وعما نطالع في الجزء الأول (خلفيات معرفية) عن العنوان الفرعي (1- نقاشات حول النسوية والمواطنة) هذه التعابير:
يهدف هذا الفصل إلى رصد الفجوة القائمة في الجدل والحوار بين منظرات النسوية ومنظري المواطنة في العقود الأخيرة الماضية. كما يهدف إلى إبراز النقاشات التي سعت لربط موضوعات كل من النسوية والمواطنة. ولسوف أناقش ما يفترض أن تطرحه النظرية السياسية عموماً. ثم ما يمكن أن تتوقعه من نظرية المواطنة بصورة خاصة.
حتى وقت قريب لم تكن النسوية بأمر ذي بال لدى منظري المواطنة، كما لم تكن المواطنة، بالمثل، موضوعاً ذا كبير خطر عند منظري النسوية...
لقد انكبت ما تسمى بالموجة الثانية من النسوية، والتي ظهرت في الستينات، على مشكلة وضعيات النساء الرسمية والمادية، غير أن هذه الموجة خلال تناولها للاضطهاد الواقع على النساء، وحاجتهن للتحرر والمساواة، وفي أثناء تأكيدها على الحاجة إلى تغيير بنية المجتمع وتوجهاته لم تعبر عن هذه الاهتمامات صراحة عبر أفكار المواطنة.
وثم نطالع الجزء الثاني (موضوعات المواطنة) وبالذات فقرة (4- الحرية) هذه الكلمات:
أصبحت الحرية liberty موضوعاً ساخناً في الجدل السياسي الغربي منذ الستينات وفي القواعد الرسمية للفلسفة السياسية، كان أهم نقاش في الحرية هو الذي يعني بسؤال: كيف يمكن أن تتم مزاوجة الحرية مع المساواة، والمؤلفون المركزيون في هذا النقاش كانوا: جون راواز (1971)، وروبرت نوذيك (1975) وعلى أية حال لم يكن هذا النقاش متصلاً بحرية النساء.
ولقد تم مؤخراً التطرق للقواعد الرسمية للفلسفة السياسية عبر زوايا مختلفة من الحرية... أولها زاوية ما بعد الحداثة، التي تشكك مبدئياً في إمكانية الحرية. وقد قدم ميشيل فوكو (1970) بعض الأفكار حول ذلك عبر تصوره أن كل شيء نقوله تقريباً، أو نفعله أو نفكر فيه هو نتاج للخطابات المهيمنة الموجودة. مع أنه مازال يتيح مساحة لفكرة المقاومة.
إن قلة الانتباه لقضية حرية النساء ضمن القواعد الرسمية للفلسفة السياسية هي أمر صادم، منذ بدأ واضحاً أن الحرية تصبح بلا قيمة إذا لم تكن أيضاً وثيقة الصلة بالنساء، وفوق ذلك يمكن ملاحظة أن هناك تراثاً قديم العهد يعزل الجدل النسوي في مسألة حرية النساء، بدءاً من سؤال ماري استل في كتاب (بعض الانتقادات حول الزواج..): إذا كان الرجال كلهم يولدون أحراراً، كيف تأتّى أن تولد النساء كلهن مستعبدات؟[/align]