انتهت الهيئة الاتحادية للبيئة من إجراء دراسة ميدانية حول نسب تراكم الرصاص في شعر طالبات المراحل الابتدائية في ابوظبي. وبعد صياغة التقرير النهائي لنتائج الدراسة، سيتم عرضه على مجلس ادارة الهيئة الاتحادية للبيئة لمناقشته واتخاذ القرارات المناسبة وفقاً للنتائج. الدراسة نفذت بالتعاون مع جهات عدة، منها بلدية ابوظبي ممثلة في ادارة الصحة العامة والبيئة ووزارة الصحة ممثلة في ادارة الصحة المدرسية. وتم خلالها اختيار عينة عشوائية من طالبات المدارس في منطقة ابوظبي التعليمية، حيث تم اخذ عينات شعر 1500 طالبة، بهدف معرفة حجم مشكلة التلوث بالرصاص
ومصادره. وبنيت الدراسة على التأثيرات السلبية للامتصاص المزمن لمادة الرصاص لدى الاطفال بشكل خاص. وعادة ما يحدث ذلك عن طريق الجهازين التنفسي والهضمي. وتعتبر المياه والهواء والطعام الملوث بهذه المادة من أهم مصادره. ولأن شعر الانسان تتجمع فيه الملوثات، خاصة الرصاص، فإن دراسة عينات من الشعر تعد من أهم الاساليب المستخدمة للكشف عن التلوث بالمعادن والتقصي الوبائي، بالاضافة الى ذلك فهو مؤشر لدراسة الامتصاص المزمن لفترات سابقة قد تمتد الى اشهر حسب طول الشعر. ووجد ايضا بأن هنالك علاقة ما بين نسبة الرصاص في الشعر ونسبة تخزينه في العظام.
المعروف ان هناك تأثيرات سلبية للامتصاص المزمن للرصاص عند الاطفال، منها فقر الدم والتخلف الدماغي، اضافة الى تأثيره السلبي في مستوى التركيز والسلوك والذكاء والتحصيل الدراسي.
ويذكر ان تلويث الجو والبيئة بالرصاص يتم عن طرق طبيعية ونشاطات بشرية. وتقدر كمية الرصاص الذي ينطلق الى البيئة سنوياً من مصادر طبيعية على المستوى العالمي بنحو 24700 طن.
بينما تقدر كمية الرصاص التي تطلق نتيجة لنشاطات الانسان بنحو 450 ألف طن سنويا، منها نحو 60% ناتجة عن احتراق البنزين المحتوي على الرصاص. وقد انخفضت هذه النسبة في السنوات الاخيرة نتيجة تزايد عدد الدول التي تستخدم البنزين الخالي من الرصاص.
ويوجد الرصاص في الكثير من الادوات التي تستخدم في الحياة اليومية فقد وجد في التربة والمبيدات الحشرية وماء الشرب وكذلك في أواني الطبخ المصنوعة من المينا، بالاضافة الى الأواني الفخارية المزججة والعلب الصلبة المستخدمة لتعليب الطعام والشراب.
كما وجد في الاصباغ المستخدمة لطلاء الألعاب والاثاث والمنازل.
وعلى الرغم من منع تداول هذه النوعية من الاصباغ في عام 1978 في الكثير من دول العالم المتطور، فإنه ما زال يستخدم في بعض الدول لطلاء الاسطح الخارجية.
المواد الغذائية
تعتبر المأكولات البحرية من المصادر المهمة التي يمكن ان تنقل الرصاص الى الجسم البشري، فتسبب له ما يعرف بالتسمم الرصاصي. ويأتي الرصاص الى المأكولات البحرية نتيجة التلوث النفطي البحري، اذ يعتبر هذا التلوث مصدراً من مصادر التلوث بالمعادن الثقيلة الرصاص الى جانب مواد مسرطنة اخرى.
والمصدر الثاني للتلوث بالرصاص هو عوادم السيارات في الدول التي ما زالت تستخدم البنزين المحتوي على الرصاص، حيث يتسبب استنشاق الدخان بالتسمم بأبخرة الرصاص، حيث ترتبط ذرات الرصاص ببروتين خلايا الجسم وينتج عن ذلك مركب ثابت غير قابل للطرد خارج الجسم، مما يؤدي الى تراكم هذا المركب بشكل يزيد على الحد المسموح به عالمياً، مما يؤثر في نشاط انزيم خاص يؤثر بدوره في تكوين مادة هيموجلوبين الدم، وبالتالي قد تحدث تغييرات كيميائية خطرة في تركيب الدم.
مخاطر عديدة
تجمع التقارير والابحاث العلمية العالمية على خطورة التسمم بالرصاص، حيث ان الجمجمة وبعض اجزاء الجسم الصلبة تعتبر المركز الرئيسي لنسبة كبيرة من مركبات الرصاص في جسم الانسان في حال التعرض لكميات من الرصاص على فترات طويلة. وهذه التراكيز المتجمعة من مادة الرصاص في جسم الانسان تؤدي الى تحلل الانسجة الدقيقة المحيطة بالمخ مما يسبب تلفاً كبيراً في خلاياه، الى جانب زيادة امكانية الاصابة ببعض الامراض السرطانية.
وأشارت الدراسات العالمية الى ان تراكم أو ترسيب مركبات الرصاص في نخاع العظام يؤدي الى ارباك عمل الجهاز العصبي، وبالتالي له تأثير كبير في تدني مستوى الذكاء والقدرة على الادراك. كما ان هذه المركبات تؤدي الى نقص كريات الدم الحمر، وإيقاف الكثير من العمليات الانزيمية المهمة، والاصابة بداء النقرس.
تخلف عقلي
تعرض الاطفال للتسمم بالرصاص يؤثر بشكل كبير في نسبة ذكائهم، كما يؤثر في الحالة العقلية. وقد اشارت دراسات عالمية معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية أجريت على اطفال متخلفين عقلياً الى ان دماء نسبة كبيرة من هؤلاء الاطفال تحتوي على نسبة عالية من الرصاص.
وهناك دراسات اخرى أكدت وجود علاقة بين تشوهات الاطفال وتعرض النساء الحوامل لجرعات كبيرة من الرصاص اثناء فترة الحمل، مما يؤدي الى ولادة اطفال ناقصي الوزن وذوي مقدرة محدودة وقليلة للاستجابة للمؤثرات البصرية والصوتية ويعانون من سوء التوافق والتنسيق في حركة الأطراف وبعض اعضاء الجسم...
المصدر: الهيئة الأتحادية للبيئة