مما ابتلي به بعض الناس اليوم قصات شعر الرأس على أشكال متعددة لهثاً وراء الموضات، ورغبة في الشهرة، وطلباً للمفارقة للفت نظر الناس إليهم، وقد يحمل على ذلك تشبه وتقليد الكفرة، وقد يجهل او يتجاهل بعضهم حكم ذلك، ولو علموا لتجنبه كثير منهم، فرأيت بحثه وإفادة القارئ بحكمه.
وفيه مسائل:
- المسألة الأولى: تعريف القزع:
قال في مختار الصحاح (ص٥٤٧): "أن يحلق رأس الصبي، ويترك في مواضع منه الشعر متفرقاً".
وقال في المصباح المنير (ص٤١٠): "هو حلق بعض الرأس دون بعض".
وقال المرداوي في الإنصاف (١/ ٢٧٢): "أخذ بعض الرأس، وترك بعضه على الصحيح من المذهب، وقاله الإمام أحمد، وعليه جمهور الأصحاب"، وبهذا عرفه في المطلع (ص١٦).
فتبين من ذلك أن جميع صور حلق بعض الرأس وترك بعضه داخل في معنى القزع، ومقتضى عبارة الإنصاف والمطلع أن تقصير بعضه وترك بعضه داخل في معنى القزع.
- المسألة الثانية: أنواع القزع:
ذكرها ابن القيم رحمه الله فقال:" القزع أربعة أنواع:
أحدها: أن يحلق من رأسه مواضع من هاهنا وهاهنا، مأخوذ من تقزع السحاب، وهو تقطعه.
الثاني: أن يحلق وسطه، ويترك جوانبه، كما يفعله شمامسة النصارى.
الثالث: أن يحلق جوانبه، ويترك وسطه، كما يفعله كثير من الأوباش والسفل.
الرابع: أن يحلق مقدمه، ويترك مؤخره، وهذا كله من القزع"
- أدلة النهي عن القزع:
عَنْ عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟ قَالَ: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ، وَيُتْرَكُ بَعْضٌ. (متفق عليه)
وعن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ» (رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني).
- حكم القزع:
محرم؛ لأن النبي ﷺ نهى عنه، والأصل في النهي التحريم، ولأن النبي ﷺ أمر بحلقه كله، أو تركه كله، والأصل في الأمر الوجوب، فدل الحديثان على تحريم القزع.