بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد طه الأمين،أما بعد،
لقد أنعم الله تعالى علينا بنعم كثيرة لا تحصى وهذه النعم منها نعم ظاهرة ومنها نعم باطنة وأكبر وأعظم نعمة يؤتاها الإنسان هي نعمة الإيمان، وليست الدنيا هي منتهى الأمر بل الآخرة هي منتهى الأمر حيث توفى النفوس ما كسبت
قال الله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} (الزلزلة) فمن أطاع الله فقد فاز ومن كفر وتولى فقد خسر وأهلك نفسه ، وتفكر في قول الله تبارك وتعالى {ورحمتي وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون} (الأعراف 156)
فترى أن هذه الحياة الدنيا بما فيها من مباهج ومتاع يؤتاه كثير من البشر إنما مصيره إلى الفناء والزوال وكل منا سيوافي يوم القيامة ما قدمت يده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ذاك اليوم الذي يجري فيه الكافرون بالعذاب المقيم ويرحم الله فيه عباده المؤمنين لقوله تبارك وتعالى {فسأكتبها للذين يتقون} أي أن الله تعالى جعلها خاصة بالمؤمنين في الآخرة ومعنى قوله للذين يتقون أي يتقون الشرك وسائر أنواع الكفر لأن الكفر أقسام ثلاثة وهي الكفر القولي كسب الله أو الملائكة أو الأنبياء أو سب الإسلام أو الاستهزاء بالصلاة أو الصيام أو الحج أو الزكاة ولو كان ذلك حال المزح أو الغضب فإنه لا يعذر بذلك.
قال الله تعالى {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} ( التوبة 65/66 )
وقال أيضًا : {ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم}(التوبة 79)
والكفر الاعتقادي وهو كالذي يشبه الله بخلقه كمن ينسب لله الجهة أو المكان أو كالذي ينكر الجنة أو جهنم وكمن ينكر عذاب القبر أو يشك في صحة الإسلام وكاعتقاد أن نبيًا من الأنبياء جاء بغير الإسلام قال الله تعالى {إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} (الحجرات 154) والريب معناه الشك ومحله القلب والكفر الفعلي وهو كالسجود لصنم أو شمس أو قمر أو حجر أو السجود لإنسان على وجه العبادة لهذا الإنسان وكالدوس على المصحف أو القاء المصحف في القاذورات قال الله تعالى {لا تسجدوا للشمس ولا للقمر} (فصلت37) وهذه الأقسام الثلاثة ذكرها العلماء في مؤلفاتهم كالنووي والشافعي في روضة الطالبين وابن عابدين الحنفي في حاشيته المسماة "رد المحتار على الدر المختار" والشيخ محمد عليش المالكي الأزهري في كتاب "منح الجليل" والشيخ أبو منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الارادات" وكذلك المفتي الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت الأسبق في كتابة "الكفاية لذوي العناية" فينبغي الحذر من ذلك لأن من مات على الكفر فقد هلك هلاكًا عظيمًا ومصيره الخلود الأبدي في نار جهنم أما من تدارك نفسه بالدخول في الإسلام فقد نجا من الخلود الأبدي في جهنم والدخول في الإسلام يكون بالشهادتين أو ما في معناهما ويحصل ذلك بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
ومن هنا فإننا نذكر أنفسنا ونذكركم بالثبات على طاعة الله واجتناب المحرمات خاصة الكفر فهو أكبر الذنوب وهو الذنب الذي لا يغفره الله لمن مات عليه وذلك لقوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين