بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا محمد خير الأنام وعلى ءاله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.
يقول الله تبارك وتعالى : {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} ( سورة يونس / ءاية 62-63-64 ) . وأخرج البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه أنه قال:"من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشىء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطيَنّه ولئن استعاذني لأعيذَنَّه".
اعلم، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، أن هذا الحديث هو من جملة الأحاديث المتشابهة التي لا تحمل على الظاهر وإنما يكون له تأويل مناسب نشرع في بيانه إن شاء الله ولكن وبين يدي هذا الشرح نذكر تعريفًا موجزًا للحديث القدسي فنقول: الحديث القدسي هو الذي صُدِّر بـ : يقول الله، مثلاً، وهو كلام الله لكنه غير القرءان حيث إن القرءان أنزل وفيه التحدي أما الحديث القدسي فليس للتحدي.
ثم إن هذا الحديث الذي ذكر أعلاه فيه فوائد عظيمة ومنافع جليلة، فمن ذلك تحريم معاداة الولي كما يستفاد من نص الحديث: "من عادى لي وليًا فقد ءاذنته بالحرب" وهذا فيه وعيد شديد لمن يعادي أولياء الله الصادقين.
وقوله: "فقد ءاذنته بالحرب" معناه: أنا مهلكه، وفي الحديث القدسي الآخر "ومن كنت خصمه خصمته" أي "أنا أغلبه" ولذا ينبغي للمرء أن يتنبه لذلك فإنه من المعلوم شرعًا أن من الواجبات القلبية محبة الله ومحبة كلامه ورسوله والآل والصالحين وأما محبة الصحابة فهم أنصار دين الله ولا سيما السابقين الأولين منهم من المهاجرين والأنصار، وأما الآل فإن أريد بهم مطلق أتباع النبي الأتقياء فتجب محبتهم لأنهم أحباب الله تبارك وتعالى بما لهم من القرب من الله بطاعته الكاملة وإن أريد به أزواجه وأقرباؤه المؤمنون فوجوب محبتهم لما خصوا به من الفضل ويجب محبة عموم الصالحين من عباد الله عزوجل.