[align=center]
صدقتوا ودخلتوا تشوفوا ايش مهببة..طيب
مكة في القرن الماضي
الحديث عن الأحوال الإجتماعية في مكة القرن الماضي
من الأهمية..بمكان إذ لاتزال كثير من الأوضاع الاجتماعية المعروفة في ذلك الزمان موجودة الآن.
والبنية السكانية لمكة المكرمة تتكون في معظمها من الأشراف والقبائل العربية الموجودة في منطقة الحجاز وبقية مناطق شبه الجزيرة..
اضافة إلى الوافدين من الدول العربية والإسلامية الذين قدموا إليها ادوافع عديدة
منها الدينية لأداء مناسك العمرة أو الحج..أو لدوافع اقتصادية أو سياسية..نتيجة لقوى الإستعمار
التي اجتاحت أجزاء من العالم العربي والإسلامي، مما اضطر الكثير من المسلمين إلى الهجرة
خوفا على أنفسهم من الحروب والفتن..والقتل.
فقد شهد العالم الإسلامي هجمة شرسة من قبل المستعمرين بداً بالبرتغال والأسبان والهولنديين
اللذين سيطروا على بلاد الهند واندونيسيا ثم الإنجليز الإيطاليين والفرنسيين والألمان الذين سيطروا
على دول الشمال الإفريقي وبلاد الشام.
كما وفد الكثير من التركمان إلى مكة المكرمة للإقامة الدائمة بسبب الغارة التي قام بها قياصرة الروس وملوكهم
في القرن الثالث عشر الهجري، وأوائل القرن الرابع عشر على الإمارات القائمة في تركستان .
.لذلك هجر الكثير من المسلمين ديارهم فراراً بدينهم واتجهوا صوب مكة المكرمة.
ثم استوطن هؤلاء جميعاً مكة المكرمة..
وكان لهذا الخليط من القوميات أثره على العادات والتقاليد ..بل وألوان البشرة وملامحها
ولاسيما أن تعداد الوافدين إلى مكة في كثير من الفترات لم يكن قليلاً بل ربما فاق أحيانا عدد الأهالي المكيين.
ومع مرور الزمن أصبحوا من أهلها وأثروا في عاداتها وتقاليدها، بقدر مانصهروا هم فيها وتأثروا بها..
الأطعمة والمشروبات
( أذكياء لطفاء جداً في التعاشر والتخاطب، متأدبون ومجاملون، مع مسحة من بعض الاعتزاز،
مضيافون انيسون، مع احتفاظهم دائماً بشعور الكرامة الشخصية ، وهم منعمون كبار)
كلمات كانت للرحالة الروسي عبد العزيز دولتشين بعد ان احتك بهم عن قرب عام 1306 هـ
فانطبعت في ذاكرته صورة عنهم بالعموم..
ولما اصبح المكيون خليطا من كثير من الشعوب الاسلامية أمسى طعامهم خليطا أيضا من ماتتعاطاه تلك الشعوب فمن طعامهم ..
في الافطار ..الفول المدمس..يكثرون عليه السمن وبعضاً من الطحينة والعسل والبيض والحليب
وأما الغداء فكانوا يتناولون وجبة مكونة من اللحم والخضار والأرز غالباً وفي المساء يتناولون الاهالي
الأطعمة الخفيفة كالبيض والفول والفطائر وقد أطلقوا مسميات كثيرة على اطعمتهم وان كانت لاتخرج عن كونها
مؤلفة من اللحم والأرز، أو اختلفت طريقة الصنع والمواد المضافة لها.
فمن أطعمتهم السليق والمبشور والمندي والكوزي والأرز البخاري ومغازلية الكشري والأرز بالحمص
وكان يقدم مع طعامهم الكثير من أنواع الفاكهة كالعنب والرمان والخوخ والمشمش والتفاح والتين والموز
واللوز والجوز والسفرجل وغيرها من الفواكه التي تجلب من الطائف ومن سائر جهاتها..
ويمكن تصور مايقدمه المكيون من أطعمة خلال تلكم الفترة من خلال وصف لرحالة ( بيرتون )
لمأدبة غداء عند أحد أهالي مكة ويدعى ** علي بن ياسين الزمزمي**
حيث قدم لهم الطعام في أطباق صينية وصينيات نحاسية كبيرة بلغ محيطها قرابة الأقدام الستة
مزخرفة بزخرف ونقوش عربية فوق كرسي معتاد مزين السطح، وقوائمه من خشب الصندل.
وأدوات المائدة من مادة كالصيني، لها منظر نظيف ويضيف..*بيرتون* وقد بدأنا بتناول مسلوقات مختلفة
{{ مسلوق السبانخ ، ومسلوق البامية، وحساء خضروات مغذٍ ، وأطباق البرياني، وشرائح اللحم المقلية بالزبد
((قصده مقلقل))* ومحشي أوراق العنب بلحم الضأن، والكباب أو اللحم المشوي بالإضافة إلى السلطات
من الخيار المنعش، ثم البطيخ المقطع ،، وأما الخبز فكان مدوراً على النسق الشرقي. لكن مذاقه كان رائعاً
وأفضل بكثير من الخبز الهندي المعروف بالشباتي, أما الماء فكان معطراً بالمستكة ، وبعد ذلك أتت الكنافة
المحلاة بعسل النحل، وقد رش فوقها مسحوق السكر، والتفاح والسفرجل والمهلبية المضاف اليها راحة الحلقوم
غالي الثمن؛ لأنه يجلب من اسطنبول، وقد وضعت الفاكهة فوق المنضدة ..أطباق مليئة بحبوب الرمان والتمور
ذات المذاق الرائع، وانتهى العشاء بأطباق الأرز والزبد، وقد تناولناه بملعقة خشبية.)
والملاحظ أن أكثر هذه الأطعمة هي مايتناوله سكان مكة في الوقت الحاضر.
ولطبيعة مكة الصحراوية والجبلية لم يكن من السهل الحصول على الماء لذا حرص السلاطين والولاة
العثمانيون على تسهيل وصوله إلى أهالي مكة.
فعلى سبيل المثال: قام السلطان مصطفى خان عام ( 1181 هــ\ 1767 م ) بترميم عين زبيدة التي أمرت
بحفرها وتعميرها السيدة زبيدة زوج الخليفة هارون الرشيد..
ثم تبعه السلطان محمود الثاني وقام بإجراء إصلاحات وترميمات للعين.. وفي عام ( 1234 هــ\ 1818 م )
جف ماء العين بسبب الخراب الذي طرأ عليها. فشرب الناس خاصة الفقراء منهم مياه الآبار المالحة
مما دفع الدولة العثمانية لإرسال أوامرها إلى محافظ مكة بتصليح نبع العين فقام باعمارها عام ( 1235 \ 1819 م)
وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني تم تجديد وإعمار عين زبيدة وقد بدأ الإعمار عام ( 1300 هـ \ 1882 م ).
وكان الماء يصل للبيوت عن طريق السقاة، حيث ينقلونه في قرب من الجلد ونحوها. ويحفظ في البيوت في أزيار
من الفخار، ويشربون في دوارق من الفخار مزينة بنقوش جميلة بارزة ويوضع فوقه كأس للشرب إمعانا في
النظافة ، ويطيبون ماء الشرب بالزهر والكادي وماء الورد والمستكة.
وزيادة في الرفاهية.. كانوا يشربون الماء مثلجاً ويدفعون فيه أثمان غالية، إذ يذكر محمد رشيد رضا عن وجود
مصانع للثلج بمكة فيقول إنه: (( كان يعمل من الماء ثلج يعمله بعض الهنود في قوالب من الزنك ، ويبيعونها
بأثمان غالية).
ومن المشروبات.. التي كان أهالي مكة يفضلونها شراب عصير الرمان والليمون والتوت
والتمر الهندي والزبيب وغير ذلك من الفواكه
وعرف المكيون القهوة، وكانت تصنع من البن المحمص وكانوا يعتنون بالأدوات الخاصة لصنعها، وتصب في
فناجين للشرب مرة واحدة
أما الطريقة الشائعة الآن والمشهور تعاطيها في شرب القهوة في فناجين صغيرة تقدم مراراً فلم تنتشر في مكة
إلا بعد أن ضُم الحجاز للحكم السعودي، حيث تأثر المكيون بالقهوة النجدية، وأصبحت هي الغالب
وكذلك للشاي النصيب الأوفر عند المكيين فلهم في صنعه طرق وأدوات خاصة..وتغنوا بذلك في أشعارهم.
مقالة قرأتها وجداً أعجبتني..
بقلم الدكتورة آمال رمضان صديق..في أطروحتها للدكتوراه **الحياة العلمية في مكة **
أتمنى إنكم استمتعتم في قراءة المقال
[/align]