التأهيل النفسي للمقبلين على الزواج
((التأهيل النفسي للمقبلين على الزواج))
في العادة الذاهب إلى رحلة سياحية يتهيأ نفسياً و معنوياً لهذه الرحلة لا سيما إذا كانت هذه الرحلة طويلة.
( رائد الفضاء السوري محمد فارس في لقاء صحفي قال: الرحلة كانت ثلاثة عشر يوماً, أما الاستعداد لها فقد استغرق عامين تقريباً).
وكذلك الذاهب إلى معركة فإنه يتهيأ نفسياً لما سيواجهه في المعركة.
إذاً:
فالذاهب إلى الزواج أيضاً لا بد له من أن يستعد لهذه الرحلة الطويلة و يتهيأ نفسياً لما سيقابله ويواجهه بعد الزواج.
والتأهيل النفسي للزواج يكون من خلال نقاط ثلاث:
(( الزواج مسؤولية - الزواج تضحية – الزواج قبول للاختلاف))
أولاً:الزواج مسؤولية.
ينبغي للمقبل على الزواج أن يعلم بأن أعباءً جديدة ستلقى على عاتقه، فهو سيصير مسؤولاً عن أسرة (زوجة – أولاد- بيت ..الخ )
فالحالة العاطفية وحدها لا تكفي , بل لا بد من أن يكون قادراً على تحمل المسؤولية,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته..))[ متفق عليه]
وكذلك الفتاة لا بد من أن تتهيأ لتحمل المسؤولية, فالحب والغرام وحده لا يكفي , فالحب جزء من خمس وثلاثين جزءاً فإذا وجد الحب فابحث عن الأجزاء الباقية.
وليس صحيحاً ما يقال:
أنه إذا وجُد الحب وإذا أحبت ستكون الأمور بعده سهلة, في الحقيقة الحب يظهر بعد الزواج.
عندما يقع الزوج في إعسار وفقر ماذا سيكون موقف هذه الزوجة ؟
فإذا كانت من أهل المسؤولية ستصبر,
وكذلك إذا مرضت الزوجة ماذا سيصنع الزوج؟
هل سيراعي ظرفها أم سيطلقها فيتهدم الحب.
والمسؤولية تتحد في ثلاثة أمور للرجل وثلاثة أمور للمرأة حددتها الآية في سورة النساء, قال الله تعالى:
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه..[النساء:34]
فمسؤولية الرجل:
• القوامة.
• النفقة.
• التربية.
ومسؤولية المرأة:
• أن تحفظ حق زوجها وتطيعه.
• أن تحفظ بيت زوجها وعرضه.
• أن تعتني بالأولاد وتساعد زوجها على تربيتهم التربية الصالحة.
ثانياً: الزواج تضحية.
لا زواج بدون تضحية ولن يستمر زواج بلا تضحية.
الزواج تضحية: لن يستمر زواج بغير تضحية. كلكم بلا استثناء. أسألوا آباءكم وأمهاتكم، بلا استثناء. لا يوجد أم استمرت في زواجها مع الأب إلا وقد ضجت. مراراً ما أسيء إليها وصبرت. لا يوجد أب استمر في زواجه إلى أخر حياته إلا وهو مضحي.
الزواج يقوم على التضحية. لا زواج بغير تضحية. تتزوج اليوم وتطلق بعد 6 أشهر إذا لم ترد أن تضحي، استعّد للتضحية
• بنت عم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؛أم هانئ أخت سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، مات زوجها فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاعتذرت إليه وقالت يا رسول الله: إني امرأة مؤتمة ولدي أولاد أخشى إن تزوجت وأديت حق زوجي قصرت في حق أولادي وإن اعتنيت بأولادي قصرت في حق زوجي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولده في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده))[ متفق عليه]
• سيدنا جابر رضي الله عنه استشهد والده في بدر, فترك له ست بنات, فتزوج ثيباً لتساعده في شأن البنات, فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة.
• عند الله لا يضيع شيء من هذا الأمر، لذلك حدث سيدنا محمد r عن امرأة يوم القيامة تسابقه إلى الجنة، هناك امرأة يوم القيامة ستسابق سيدنا محمد r على الجنة، فيقول r: من هذه؟ فيقال: هذه امرأة مات زوجها، وخلف لها صبية صغار، فحبست نفسها عليهم لرعايتهم حتى مات،تسابق رسول الله r إلى الجنة الزواج تضحية.
أيتها الأخت الكريمة، أيّها الأخ الكريم، الأزواج أو القادمين على الزواج، لابد أن تؤهل نفسك للتضحية، أنت ذاهب لتضحي.
ثالثاً: الزواج قبول للاختلاف.
لا حياة بدون اختلاف, فإذا انتفى كل فارق انتفت الإثنينية.
لا بد لك أن تتهيّأ نفسياً لتقبل زوجتك كما هي، لابد لك أن تتهيئ نفسياً لقبول زوجك كما هو. هو مختلفٌ عنك كثيراً.
لا تصدقوا أبداً أن هناك زوجان متفاهمان في كل شيء، ليس صحيحاً أبداً، هذا تمويه، هو يظن أنه هو وزوجته سيتفقان في كل شيء.
ليس صحيحاً أن يكون الزوج والزوجة متفقان مئة بالمئة، يعني إذا وجدت زوجة بينك وبينها اتفاق 60% فهذا أمر جيد! جيد جداً جداً! أيضاً إذا كانت النسبة 50% جيد، إذا 65% أنت ملك في هذه الأرض، وهذا صعب، وأنتِ إذا وجدت زوج بينك وبينه توافق 60% فهذا شيء جيد أما أن يخبرك أحد أن زوج وزوجته مئة بالمئة متفقان فهذا غير صحيح.[ إذا انتفى كل فارقٍ انتفت الاثنينية ].
إذا كنت أنت وزوجك بنفس الأفكار ونفس الميول، ونفس الرغبات، ونفس.... فأنتما لستما اثنين، أنتما واحد ! والله خلق الناس مختلفين( سيظلوا مختلفين ) وأنا أقول: أحسن زوجين في الكرة الأرضية.
أحسن زوجين يوجد بينهما(100) اختلاف في السنة, وهذا طبيعي ؛لذلك ينبغي أن يتهيأ الزوجان نفسياً لقبول الاختلاف , وكل ميسر لما خلق له.
والحمد لله رب العالمين