السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
لقيت موضوع عن طب النبوي ومتسلسه فحبيت انقلها لكم للافادة
ان شاء الله
الاول
فصل في تدبيره لأمر النوم واليقظة
ومن تدبر نومه ويقظته وجده اعدل نوم وانفعه للبدن والأعضاء والقوى فانه كان ينام أول الليل ويستيقظ أول النصف الثاني فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلى ما كتب الله له فيأخذ البدن والأعضاء والقوى حظها من النوم والراحة وحظها من الرياضة مع وفور الجر وهذا غاية صلاح القلب والبدن والدنيا والآخرة ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه وكان يفعله على اكمل الوجوه فينام إذا دعته الحاجة إلى النوم على شقه الأيمن ذاكرا الله حتى تغلبه عيناه غير ممتلئ البدن من الطعام والشراب.
ولا مباشر بجنبه الأرض ولا متخذ للفراش المرتفعة بل له ضجاع من أدم حشوه ليف وكان يضجع على الوسادة ويضع يده تحت خده أحيانا ونحن نذكر فصلا في النوم والنافع منه والضار فنقول النوم حالة للبدن يتبعها غور الحرارة الغريزية والقوى إلى باطن البدن لطلب الراحة وهو نوعان طبيعي وغير طبيعي فالطبيعي إمساك القوى النفسانية على أفعالها وهى قوى الحس والحركة الإرادية ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن استرخى واجتمعت الرطوبات والأبخرة التي كانت تتحلل وتتفرق بالحركات واليقظة في الدماغ الذي هو مبدأ هذه القوى فيتخدر ويسترخى وذلك النوم الطبيعي واما النوم الغير طبيعي فيكون لعرض أو مرض وذلك بأن تستولى الرطوبات على الدماغ استيلاء لا تقدر اليقظة على تفريقها أو تصعد أبخرة رطبة كثيرة كما يكون عقيب الامتلاء من الطعام والشراب فتثقل الدماغ وترخيه فيتخدر ويقع إمساك القوى النفسانية عن أفعالها فيكون النوم وللنوم فائدتان جليلتان إحداهما سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها من التعب فيريح الحواس من نصب اليقظة ويزيل الاعياء والكلال .
والثانية هضم الغذاء ونضج الأخلاط لأن الحرارة الغريزية في وقت النوم تفور إلى باطن البدن فتعين على ذلك ولهذا يبرد ظاهره ويحتاج النائم إلى فضل دثار وانفع النوم أن ينام على الشق الأيمن ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقرارا حسنا فان المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا ثم يتحول الشق الأيسر قليلا ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايته وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب وبسبب ميل الأعضاء إليه فتنصب أليه المواد واردأ النوم النوم على الظهر ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم وأرادأ منه أن ينام منبطحا على وجهه.
وفي المسند وسنن ابن ماجه عن أبى إمامة قال مر النبى على رجل نائم في المسجد منبطحا على وجهه فضربه برجله وقال قم أو اقعد فإنها نومة جهنمية قال ابقراط في كتاب التقدمة وأما نوم المريض على بطنه من غير أن يكون عادته في صحته جرت بذلك فذلك يدل على اختلاط عقل وعلى الم في نواحى البطن قال الشراح لكتابه لأنه خالف العادة الجيدة وإلى هيئه رديئة من غير سبب ظاهر ولا باطن والنوم المعتدل ممكن للقوى الطبيعة من أفعالها ومريح للقوة النفسانية مكثر من جوهر حاملها حتى انه ربما عاد بالإرخاء مانعا من تحلل الأرواح ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ويفسد اللون ويورث الطحال ويرخى العصب ويكسل ويضعف الشهوة إلا في الصيف وقت الهاجرة وأردؤه نوم أول النهار وأردأ منه النوم آخره بعد العصر .
ورأى عبدالله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة فقال له قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق وقيل نوم النهار ثلاثة خبق وخلق وحمق فالخلق نومه الهاجرة وهى خلق رسول الله والخرق نومة الضحى يشغل عن أمر الدنيا والآخرة والحمق نومة العصر قال بعض السلف من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه وقال الشاعر ألا أن نومات الضحى تورث الفتىخبالا ونومات العصير جنون ونوم الصبحة يمنع الرزق لأن ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها وهو وقت قسمة الأرزاق فنومه حرمان إلا لعارض أو ضرورة وهو مضر جدا بالبدن لارخائه البدن افساده للفضلات التي ينبغى تحليلها بالرياضة فيحدث تكسرا وعيا وضعفا وان كان قبل التبرز والحركة والرياضة واشغال المعدة بشيء فذلك الداء العضال المولد لأنواع من الأدواء والنوم في الشمس يثير الداء الدفين ونوم الإنسان بعضه في الشمس وبعضه في الظل رديء.
وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبى هريرة قال قال رسول الله إذا كان أحدكم في الشمس فقلص عنه الظل فصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم وفي سنن ابن ماجه وغيره من حديث بريدة بن الحصيب أن رسول الله نهى أن يقعد الرجل بين الظل والشمس وهذا تنبيه على منع النوم بينهما.
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب أن رسول الله قال إذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضجع على شقك اليمن ثم قل اللهم إنى أسلمت نفسى إليك ووجهت وجهى إليك وفوضت أمري إليك وأجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت واجعلهن آخر كلامك فإن مت من ليلتك مت على الفطرة.
وفي صحيح البخاري عن عائشة أن رسول الله كان اذا صلى ركعتى الفجر يعنى سنتها اضجع على شقه الأيمن وقد قيل ان الحكمة في النوم على الجانب الأيمن ان لا يستغرق النائم في نومه لأن القلب فيه ميل ألى جهة اليسار فإذا نام على جنبه الأيمن طلب القلب مستقره من الجانب الأيسر وذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله في نومه بخلاف قراره في النوم على الجانب تنضجها وتدفع شرها إذا لم يسرف فى تناولها ولم يحمل منها الطبيعة فوق ما تحتمله ولم يفسد بها الغذاء قبل هضمه ولا أفسدها بشرب الماء عليها وتناول الغذاء بعد التحلى منها فإن القولنج كثيرا ما يحدث عند ذلك فمن أكل منها ما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى على الوجه الذى ينبغى كانت له دواء نافعا .