أي الغادين أنت
لله در الشمس حين تظــــــعن
وعن صفحات الكون تعــــــــزب
دهماء يخالجها اللون الأحمــــر
كلوحة البؤساء بالقلب تحـــــــزب
تسير وتعتلي سفن الغارقيـــــن
وخلف قهب من الأمواج تســــــرب
والليل يفترش الوجود بظلامــــه
ويطلق عواليه لكل شدق من النهار يضرب
متوشح بالصمت كل ذي لب يعقــل
وكل صعلوك فقير والأتــــــــرب
وأنا وحيد بين أكناف غرفــــتي
أصارع الأيام ومن قهرها لا أهــــرب
تناءت عني العزائم كلهـــــــا
وخارت أطرافي ومن إيلامها مقلتي تسكب
أتاني رسول المنية يرعــــــد
ويقتلع روحي من بين جنبي ويسلـــب
لم يرحم ويشفق بي ولم يلطـــف
بل اشتد زجرا وغيظا يزغـــــــب
فتاهت معالم بسمتـــــــــي
بأغوار من الأحزان الملهــــــــب
وأصبحت صريع خشب أربـــــع
ليريق عليا المغسل الماء العــــــذب
ويلبسني ثياب بلا كمــــــــم
ويجهزني لوداع كل ذي عرق ونســـب
فساحوا بي علي رؤوس العباد مرتفع
و أوصلوني لحفرة القبر الأدهـــــب
فطرحوني به وحيدا منفـــــردا
وأحثوا عليا التراب وبعدها ذهـــــب
كأني بالأمس لم أكن بينهــــــم
ولم أكن لهم صديق ولا محـــــــب
وبدأت غدوتي بذات رمــــــس
بظلام دامس كالليل الغيهــــــــب
وجاءني ما لم أتوقــــــــع
أو في حياة كنت اعد لهم أو أحســــب
ما للجذل برؤيتهم سبيل يعـــرف
فالمرء من هول مطلعهم يعــــــذب
فرأيت مقعدي والنيران تسعــــر
والحيات السود العظام والعقــــــرب
فتمنيت الرجوع للدنيا لكي أتعبـــد
و أستغفر الله لكل ذنب أذنـــــــب
و لكن واحسرتاه لمن أضاع عمـره
بدنيا خسيسة ولنفسه لا يأنـــــــب
ما للتمني هناك منفـــــــــذ
أو للترجي هناك مذهــــــــــب
وعلي أصوات المؤذن يكبـــــر
أفقت من سباتي العميق المتقلـــــب
فحمدت ربي أني لم أزل هنـــــا
لكي أسعف نفسي بالاستغفار الـــدؤوب
فنهضت من مرقدي مسرعـــــا
ملبي نداء ربي الغفور التـــــــواب
إلهي وربي وملجئـــــــــي
لا تأخذني بذنوبي ولا عليا لا تغضـــب
هجرت صغير الخطايا وكبيــــرها
وكل حقير ذنب أو أخطـــــــــب
وفنيت عمري لله متعبـــــــد
ولم تزغ عيني عن القرآن ولم تعـــزب
ونفسي تتوق للجنان وتعشــــق
لمعانقة الحور ولصوتها تطــــــرب
لوصفها العقل لا يتخيـــــــل
ولا لقصرها وطولها المهـــــــذب
هذه قصتي بعجالة سردتهــــــا
عبرة لكل ذي رجاحة عقل أو لـــــب
فاختر لنفسك يا أخي غـــــدوة
إما الجنان أو نيران بها تعـــــــذب