كيف تتحول أحزانك إلى عبادة ؟ ما الذي تحتسبه في صبرك ؟ لماذا أنت حزين هكذا ؟ وما هذه الهموم التي تخفيها بين أضلعك ؟ لقد أتعبك الأرق والسهر، وذوى عودك وذهبت نضرتك لماذا كل هذه المعاناة؟؟ فهذا أمر قد جرى وقدر، ولا تملك دفعه إلا أن يدفعه الله عنك ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها فلا تكلف نفسك من الأحزان مالا تطيق !! استغل مصيبتك لصالحك لتكسب أكثر مما تخسر، كي تتحول أحزانك إلى عبادة الصبر العظيمة – عفواً – إنها عبادات كثيرة وليست واحدة ! كالتوكل؛ الرضا؛ والشكر؛ فسيبدل الله بعدها أحزانك سروراً في الدنيا قبل الآخرة لأن من ملأ الرضا قلبه فلن تجزع من مصيبته وهذا والله من السعادة ... ألا تري أن أهل الإيمان اكثر الناس تعتلي البشاشه وجوههم ...بالرغم من الابتلاء الذي يصيبهم ..! فكن فـطـن ... فالدنيا لا تصفو لأحد وكلما انتهت مصيبة أتت أختها ... وقد قيل : إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه أيها الصابر ربما وجدت نفسك فجأة في بحر الأحزان تغالب أمواج الهموم القاتلة وهي تعصف بزورقك الصغير... بينما تجدف بحذر يمنة ويسرة... ولكن الأمواج كانت أعلى منك بكثير ولم يبق إلا أن تطيح بك... وفي تلك اللحظات السريعة أيقنت بان لا مفر من الله الا اليه سبحانه فذرفت عيناك
وخضع قلبك معها
واتجه كيانك كله إلى الله يدعوه يا رب .. يا رب ..
يا فارج الهم فرج لي هنا سكن بحر الأحزان وهدأت الأمواج العالية وسار قاربك فوقه بهدوء واطمئنان
إن شيئاً من الواقع لم يتغير سوى ما بداخلك قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
(الرعد: 11)
لقد تحول جزعك إلى تسليم، وسخطك إلى رضى فاجعل هذه الهموم والأحزان أفراحا لك في الآخرة فهي والله أيامك في الدنيا ولياليك فاصبر واحتسب : قال الله تعالى: { َاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46).