تفسير (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ )
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً(23)
إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)(الكهف:24)
( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) يعني اذكر أمر ربِّك بأن تقول: "إن شاء الله" إذا نسيت أن تقولها
، لأن الإنسان قد ينسى وإذا نسي فقد قال الله تعالى
: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة: الآية286)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"
فالمشيئة إذا نسيها الإنسان فإنه يقولها إذا ذكرها
، ولكن هل تنفعه، بمعنى أنه لو حنِث في يمينه فهل تسقط عنه الكفارة إذا كان قالها متأخراً؟
من العلماء من قال: إنها تنفعه حتى لو لم يذكر الله إلاَّ بعد يوم أو يومين أو سنة أو سنتين
، لأن الله أطلق: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ }،
ومن العلماء من قال: لا تنفعه إلاَّ إذا ذكر في زمن قريب بحيث ينبني الاستثناء على المستثنى منه
، وهذا الذي عليه جمهور العلماء،
فمثلاً إذا قلت: والله لأفعلن هذا ونسيت أن تقول: إن شاء الله،
ثم ذكرت بعد عشرة أيام فقلت: إن شاء الله، ثم لم تفعل بناء على أن من قال: إن شاء الله لم يحنَث
،فمن العلماء من قال: ينفعه لأن الله تعالى قال: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ }
، ومنهم من قال: لا ينفعه لأن الكلام لم ينبنِ بعضه على بعض،
إذاً ما الفائدة من أمر الله أن نذكره إذا نسينا؟
قال: الفائدة هو ارتفاع الإثم، لأن الله قال: { وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }
فإذا نسيت، فقلها إذا ذكرت، لكن هل تنفعك فلا تحنث أم يرتفع عنك الإثم دون حكم اليمين؟
الظاهر: الثاني؛ أن يرتفع الإثم، وأما الحنْث فإنه يحنَث لو خالف
لأن الاستثناء بالنسبة للحِنْث لا ينبغي إلاَّ أن يكون متصلاً،
ثم الاتصال هل يقال: إن الاتصال معناه أن يكون الكلام متواصلاً بعضه مع بعض أو أن الاتصال ما دام بالمجلس؟
الجواب: فيه خلاف
، بعضهم يقول: ما دام في المجلس فهو متصل، وإذا قام عن المجلس فقد انقطع،
قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا" فجعل التفرق فاصلاً،
ومنهم من قال: العبرة باتصال الكلام بعضه مع بعض،
والظاهر والله أعلم أنه إذا كان في مجلسه، ولم يذكر كلاماً يقطع ما بين الكلاميْن، فإنه ينفعه الاستثناء؛ فلا يحنث.