قبل أن تشرق شمس الصيام
أيام قليلة وتشرق علينا شمس الصيام .. أيام معدودة وينزل بنا ضيف عزيز على قلوبنا طالما انتظرناه وزاد شوقنا إليه فليت شعري هل نوفق لإدراكه فنكون من الفائزين أم يوافينا الأجل فنصبح من المحجوبين؟! أحبتنا الكرام... ونحن على عتبة شهر رمضان ما أحوجنا إلى أن نقف بعض الوقفات الهامة، وقفات نتذكر فيها بعض ما ينبغي عمله خلال هذا الشهر فنتعرف على جوانب الاستعداد للضيف الكريم وعادة الكريم احسان الوفادة.
الوقفة الأولى: الدعاء ببلوغ رمضان:كان بعض السلف رحمهم الله يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان وبعد رمضان يدعون الله ستة أشهر أخرى أن يتقبل منهم ما عملوه في ذلك الشهر...
ولنا أن نسأل لماذا هذا الدعاء وذلك الحرص البالغ على بلوغ رمضان؟
ونقول : أن بركة هذا الشهر العظيمة، وما فيه من مضاعفة للحسنات هو ما دفع السلف الصالح رحمهم الله إلى مواصلة الدعاء بالبلوغ ستة أشهر، ثم الدعاء بالقبول بقية العام وهو ما ينبغي أن يدفعنا إلى ذلك؛ تأسيا بهم، إضافة إلى ما نعلم من نصوص الشرع الواردة في فضل رمضان، فندعو الله أن يبلغنا رمضان، ويعيننا على إدراكه وصيامه وقيامه؛ لأنه: [مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] متفق عليه.
وندعو الله أن يبلغنا رمضان لأن: [ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] رواه البخاري ومسلم.
وندعو الله أن يبلغنا رمضان لأن: [عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ] رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجة والدارمي وأحمد.
وندعو الله أن يبلغنا رمضان لأن: [ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا] رواه أحمد والدارمي والترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وندعو الله أن يبلغنا رمضان لأن: [ لِلِصَائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ مَا تُرَدُّ ] رواه أحمد وصححه الحاكم والبوصيري.
وندعو الله أن يبلغنا رمضان لأنه شهر القرآن، وشهر الإنفاق، وشهر المغفرة، وشهر الذكر، وشهر صلة الأرحام، وشهر أعمال الخير المتنوعة.
الوقفة الثانية: تهيئة أهل البيت لاستقبال الشهر: أختي المسلمة: يعجبنا ذلك الحرص منك على اهلك وابنائك فأنت تنفقي على الجميع في موسم المدارس فتعدي لهم ما يحتاجون إليه وفي العيد تجلبي لهم الملابس الجديدة وعند حلول الشتاء تجلبي ما يدفئ المنزل والابدان إضافة إلى حرصك في توفير المأكل والمشرب فأنت مشكور ةفي هذا كله. لكن هل أعددت أهلك وأبناءك لاستقبال هذا الشهر؟ بتوفير الكتاب الذي يبين أحكام الصيام. وتوفير الأشرطة المفيدة فيتعلم آهل البيت من زوجة وابناء وبنات وخدم ما ينفعهم ويفيدهم ويزيد أيمانهم ويحيي قلوبهم.
الوقفة الثالثة: دورك الإيجابي في الحي والمسجد:
أختي المسلمة: أننا ننتظر منك دورا عظيما ومبادرات إيجابية خلال هذا الشهر تحولك من مسلمة عادية تهتم بخاصة نفسه إلى داعية إلى الله يأخذ بنواصي العباد إلى الله تعالى. قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [33] [سورة فصلت] .وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: [ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ] رواه البخاري.
أختي المسلمة: أنت أعلم بنفسك، وأدرى بمواهبك وقدراتك، فحرى بك أن تسخري تلك الطاقات والمواهب في الدعوة إلى الله فان كنتي طالبة علم فحرى بك أن تساهمي بإلقاء كلمة أو موعظة أو درس علمي تنفعي به المصليانتوأن كنت حافظة لكتاب الله أو مجيدة لتلاوته فما أجمل أن تلقني القرآن وتعلميه لكبار السن أو لابناء الحي محتسبة الأجر في ذلك: [خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ] رواه البخاري.
أما أن كنت صاحبة موهبة ثقافية، أو تحسني استعمال جهاز الكمبيوتر؛ فحرى بك أن تساهمي بإعداد المسابقات الثقافية الهادفة التي تفي بها أهل البيت رجالهم ونساءهم وصغارهم كما تقومي بكتابة الفوائد والملصقات تذكرة للمصلين:و[لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا] رواه مسلم.
أختيي المسلمة: ربما تكون لديك أعمال كثيرة تمنعك من المشاركة بنفسك أو ممن جللها الحياء ومنعها الخجل عن الظهور أمام الناس فهل يصعب عليك تقديم [ورقة عمل] أو جملة من الاقتراحات والوسائل النافعة مكتوبة مدروسة تحمل أفكارا قابلة للتنفيذ خلال هذا الشهر المبارك بحيث تكون شاملة لجميع طبقات المجتمع رجالا ونساء شبابا وشيبا بنات وبنين فمتى ما قمت بهذا العمل رجونا أن يتحقق فيك قول نبينا صلى الله عليه وسلم: [ إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ] رواه الترمذي وأحمد .
أختي المسلمة: ربما لا تتوفر فيك ما تقدم من صفات ومواهب حتى تنفعي بها أهلك حيك أو جماعة مسجدك لكنك تلمكي المال فساهمي به وانفقيه في سبيل الله فتذكر قوله تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ[ 272] [سورة البقرة] .
واعلمي رعاك الله أن مشاريع الخير في شهر رمضان كثيرة متنوعة فحرى بك أن تكون لك مساهمة في أكثر من عمل خيري فالمئة أو الآلف ريال التي نويت إنفاقها في باب واحد من أبواب الخير اجعلها في اكثر من مشروع خيري حتى ينتفع بها كثير من المسلمين، فجزء من ذلك المبلغ تسد به جوعه فقير أو مسكين، والثاني تكسو به عريانا، والثالث تجعله لدعم أنشطة حلقة القرآن في مسجدك... وهكذا،
ولا تنس هذه الآية: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[39] [سورة سبأ].
ختاما: نسأل الله أن يبلغنا رمضان، وأن يوفقنا لصيامه وقيامه؛ إيماناً واحتساباً، وأن يجعله شهر خير على جميع المسلمين آمين.
محــمد بن عبدالله الذياب إمام مسجد الهجرة - الدمام
(تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعررف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة . ) تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2908 في صحيح الجامع