[أياك نعبد وأياك نستعين
في هذه الآية الكريمة من سورة الفاتحة ، يأتي تقديم العبادة في ( أياك نعبد ) على الأستعانة في ( أياك نستعين ) من باب تقديم الغايات على الوسائل :
- أذ أن ( العبادة) هي غاية العباد التي خلقوا لها ، و ( الأستعانة ) هي الوسيلة أليها ، لذلك كان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يقول / اللهمّ أعنّي على حسن عبادتك .
- ولأنّ ( أياك نعبد ) ، متعلّق بألوهيّة الله تعالى ، و ( أياك نستعين ) متعلّق بربوبيّته سبحانه . كما قدّم سبحانه أسمه العليّة ( لفظ الجلالة ، الله ) على كلمة الرب في أوّل السورة أذ قال / " الحمد لله ربّ العالمين " .
- ولأنّ السورة تقسم الى قسمين : القسم الأول _ هو الثلاث آيات الأولى ( الحمد لله ربّ العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين ) ، وهي قسم الحق سبحانه وتعالى من السورة . والقسم الثاني _ هو الثلاث آيات الأخيرة ( أهدنا الصراط المستقيم ..... الى آخر السورة ) ، هي قسم العبد من السورة . والآية التي في الوسط هي ( أياك نعبد وأياك نستعين ) ، تقسم الى قسمين : فالقسم الأول ( أياك نعبد ) هو قسم الحق سبحانه من الآية ، والقسم الثاني ( أياك نستعين ) هو قسم العبد من الآية ، فكان تقديم قسم الله تعالى على قسم العبد ، وهو الأجدر والأصح .
- ولأنّ العبادة المطلقة تتضمّن الأستعانة وليس العكس . فكلّ عابد لله عبوديّة تامّة ، هو مستعين به ضمنا" ، ولكن ليس كلّ مستعين به سبحانه هو عابد له عبوديّة حقّة ، فقد يستعين به على شهواته وأغراضه . فكانت العبوديّة أكمل وأتم ، فكانت من حصة الله تعالى .
- ولأنّ العبادة لا تأتي ألاّ من مخلص ، والأستعانه تأتي من مخلص وغير مخلص .
- ولأنّ العبادة هي حقّ الله الذي أوجبه عليك ، والأستعانة هي طلب العون على العبادة ، وهي صدقة الله التي تصدّق بها عليك . لذلك كان أداء الحق أهم من التعرّض لصدقته تعالى ... والله أعلم ...
مع تحياتي