العثمان: خططت لتسجيله قبل عامين من توقيعه في الكشوفات الهلالية
الرياض: عبدالله الفراج
رسم إداري الهلال السابق عبدالله العثمان الذي قاد سامي الجابر للتسجيل بالنادي أول خيوط علاقاته مع (الذئب) عندما كان في سن الحادية عشرة من عمره وذلك من خلال صداقته بإبراهيم الجابر (المعلق الرياضي الحالي) وشقيقه خالد والتي تكونت بعد انتقال أسرة الجابر من حي سكريناه إلى حي الشفا ـ جنوب الرياض ـ ومن خلال مشاركة العثمان للثنائي في لعب الكرة في الحي، وقال مكتشف النجم الكبير لـ"الوطن" في سرد القصة الحقيقية للاعب الذي سيحتفي به أمام أعتى الفرق الإنجليزية مانشيستر يونايتد "لقد بزغت نجومية الجابر الكروية منذ وقت مبكر، كنا نسعى لإشراكه مع العناصر الأساسية وهو لم يبلغ الحلم ومع لاعبين يفوقونه في السن والبدن كمهاجم فريق الهلال السابق سعود الحماد ولاعبيه السابقين كمحمد الفلاج وعبدالله الأوحيمر ولاعبي النصر السابقين خالد الهزاع وشقيه خالد الجابر".
وعن خطط ضمه للكشوفات الهلالية بعد أن ذاع صيت سامي على مستوى أحياء الرياض، بالرغم من ضآلة جسمه وصغر سنه أجاب العثمان "لقد وضعت مخططي بضم اللاعب إلى الهلال عام 1404 هـ، بعد سنة من دخولي مجال العمل الإداري في مدرسة الهلال إبان إشراف نائب رئيس أعضاء الشرف الحالي الأمير بندر بن محمد عليها في ذلك الوقت، وحاولت بطريقة عفوية أن أجذب اهتمامات الهلاليين إليه، ونجحت في ذلك، بعد أن قام فريق حي الشفا بمواجهة شباب النادي في تجربة كروية في بداية عهد افتتاح منشآت الهلال الحالية وتحديدا في عام 1405 هـ، وكان الفريق حينها يضم عددا من اللاعبين الذين لا تتجاوز أعمارهم سن الـ 20، وكان عمر سامي في تلك الفترة لم يتجاوز سن الـ 15، وبعد نهاية المباراة قام مدرب شباب الهلال آنذاك المدرب اليوغسلافي الراحل (بروشتش) وعن طريق مساعده التونسي عمر مزيان الشهير بـ (عمور) بالسؤال عن اللاعب رقم 12 في صفوف فريقنا ـ ويقصد سامي ـ الذي لم يكتمل نموه الجسماني كي يكون لاعب كرة مشهوراً ونقل المدرب عمور رأي المدرب اليوغسلافي بعد نهاية تلك المباراة والذي كان نصه "هذا لاعب ذكي تحركاته سليمة ولاعب يشم الهدف".
الهروب من المنزل
وبعد أن أخذ الناس ومحبو الكرة يتناقلون في مجالسهم أخبار سامي الجابر وقدراته الكروية في الحواري أبدى رغبته في اللعب للهلال وأيده في ذلك شقيقه خالد، بعدها طلب سامي من والده ـ رحمه الله ـ حفيظة النفوس كي يسجل في كشوفات الهلال، إلا أن والده طلب منه التريث في الأمر لحين إنهاء دراسته، وحينها بدأت مفاوضات نادي الشباب تنشط عن طريق عبدالعزيز الرزقان وسلطان خميس، ونادي النصر عن طريق سالم العقيل، وحين حضر ثنائي الشباب لمنزل أسرته طلبت من الجابر الخروج من المنزل والركوب في سيارتي، وأخذت بالدوران في شوارع الحي لحين مغادرتهم منزله وخروجهم بخفي حنين، ونجحت خطتي في إبعاده عن تحويل قناعته بعيدا عن الهلال.
وعن الزمن الذي استغرقه مع الجابر في سيارته ونوعية الحديث الذي دار بينهما خلال تلك الفترة الزمنية أجاب عبدالله العثمان بقوله "استغرق الوقت قرابة الساعة، وحديثنا لم يتشعب وكان حول مستقبله الكروي بنادي الهلال، ولمست من خلال إجاباته إصراره على التسجيل بالنادي ورفضه أي عرض كروي حتى لو استطاعوا إقناع والده بكل طرقهم ووسائلهم".
رفض الدراسة
وعن الخطوة التي تلت ذلك المخطط قال: "أنهيت تعبئة البيانات الرسمية في بطاقة تسجيل سامي بعد 20 يوما من وقوع القصة الماضية، وذلك بعد أن رفض الجابر الذهاب للمدرسة في أحد الأيام ما لم تلب رغبته في التسجيل بالهلال، أثار غيابه عن المدرسة ليوم واحد تساؤلات والده، إلا أن سامي نجح في إقناع والده بالجمع بين الدراسة والنادي، بعد ذلك طلبت من مؤسس النادي عبدالرحمن بن سعيد أن يذهب إلى والد سامي، كي يأخذ منه حفيظة النفوس، ونفذ والد سامي ـ رحمه الله ـ طلب المؤسس بعد أن رفض شرب القهوة إلا بعد تنفيذ طلبه، ووقع سامي الجابر في الكشوفات الهلالية في 27/4/1407هـ، وذلك في مكتب الوسطى التابع للرئاسة العامة لرعاية الشباب وبحضور عبدالرحمن بن سعيد ـ شفاه الله ـ وبعدها تلقى الهلال إشادة من رئيس نادي الشباب الأسبق محمد جمعه الحربي وقال لي "الهلال كسب لاعبا، يفهم طريقة لعب الخصوم ويقرأ التكتيك المقابل، وكأنه مدرب داخل الملعب بالرغم من صغر سنه".
قيادة الهلال والمنتخب
وكشف عبدالله العثمان أن رئيس الهلال الراحل الأمير عبدالله بن سعد هو من احتضن الجابر وكان المعلم الأول له وقدم له مسكنا خاصا له ولأسرته في بداية مشواره الكروي، وهذا هو أسلوب تعامل الأمير رحمه الله مع اللاعبين، وتذكر العثمان كلمات مازالت تدندن بأذنيه، لقد قال الرئيس الهلالي الراحل لسامي الجابر وبحضوري "أرى في نفسك شيئاً سيجعلك قائدا لفريقك الهلال ولمنتخب بلدك السعودية" وبالفعل تحققت مقولة الأمير عبدالله بن سعد ـ يرحمه الله ـ وأكد إداري الهلال السابق الذي عمل لفترات متفاوتة في كافة القطاعات الكروية والذي بدأ عمله الرسمي مع الهلال عام 1407 هــ أن سامي الجابر كان عاملا مشتركا في الأجيال الهلالية التي عاصرها في الملاعب بدءاً من جيل النعيمة والبيشي والمصيبيح والدايل، والثنيان، ومروراً بجيل صفوق التمياط ومنصور الموينع، ونهاية بالجيل الحالي وذلك في تحقيق البطولات طوال الـ 19 عاما التي مثل فيها الفريق الكروي الأول إذ ساهم في 32 بطولة وهو أكثر لاعب حسم البطولات الهلالية، وأرجع العثمان على استمرارية نجومية الجابر في الملاعب طوال تلك السنوات إلى ميزتين تميز بهما الأولى تتمثل في قدرته على مواجهة الحروب والهجوم الشرس الذي واجهه لأهداف معروفة، وتحمل تلك المواجهات فالجابر لديه قوة وصبر غريبان في تحمل تلك الأشياء، ورده على منتقديه دائما ما يكون في الملعب، وفي الوقت المناسب، وبالطريقة التي يختارها.
يداه تسودان من الحديد!
ولفت سامي الجابر أنظار الإداري آنذاك عبدالله العثمان في بداية دخوله المعهد الملكي للدراسة فيه إذ يقول "في أحد التدريبات لاحظت بعض السواد يكتسي أصابع الجابر، وعند سؤالي له عن أسباب ذلك أجابني بأن ذلك عائد إلى طبيعة الدراسة الفنية بالمعهد إذ تقوم الدراسة في البداية (للطلاب المستجدين) بإعطاء الطلاب قطعا من الحديد لتنظيفها وتنعيم تلك القطع وبرد تلك القطع، وكان الجابر يظهر جديته في ذلك ويقوم بالدراسة بكل جدية وإتقان، في إشارة إلى قوة إرادته، كان ذلك مفخرة لكل زملاء الجابر الذي حرص أن يجمع الجانب التقني والكروي في آن واحد".
وأبرز العثمان النبوغ الفني والتحليل الكروي المبكر لسامي الجابر بقوله "كنا حاضرين للقاء نهائي الكأس الشهير الذي جمع الهلال بالنصر عام 1407هـ، الذي كسبه النصر بهدف مهاجمه الدولي ماجد عبدالله، الهدف الذي لا يمكن أن ينساه أي رياضي والذي جاء بضربة رأس مذهلة"، ويستطرد العثمان قائلا "كنا نتابع اللقاء معاً خلف المرمى الهلالي (الجنوبي) الذي سجل فيه الهدف بمرمى الحارس خالد الدايل، وقال سامي بعد أن تأثر من تلك الخسارة وحزن كثيرا على تلك المباراة "كان بإمكان الهلال أن يكسب المباراة لصالحه بعد أن استنفد النصر تغييراته المبكرة قبل الهلال وكان بإمكان مهاجمي الهلال سعود الحماد وهذال الدوسري حسم هجمة من الهجمات التي سنحت لهم بشكل مكثف".
وأشار العثمان إلى أن الذي يعيش مع سامي عن قرب ويتعرف على حقيقته سيغير نظرته على الفور، فهو إنسان بسيط و لا يعرف للتكلف طريقا، ولاشك أن الناس يختلفون معه في المسائل الصغرى والكبرى ولكنهم يجدونه وقت الشدائد.
وبين إداري الهلال الأسبق أن سامي مثل الفريق الأول عام 1409 هـ قبل أن يصعد للفريق الأول وكانت مجموعة فئة الشباب تعد ذهبية بوجود صفوق التمياط وشويش الثنيان وحسن النمشان وخالد التيماوي.
وحول القيمة التي وعد الجابر بتسليمها له مقابل تسجيله بالهلال أجاب "كان المبلغ مجزياً للاعب صغير في السن وقادم من الأحياء آنذاك ولكنه لم يتسلمه على الفور، وبعد سنة من تسجيله قدم له مبلغ آخر بقيمة سيارة، كما أن تسجيله بالهلال لم يكن مشروطا بمال، وبالرغم من ذلك لم تغره الأموال التي قدمها له نادي الشباب".
يشار إلى أن عبدالله العثمان هو مؤسس فريق حي الشفا الذي اختفى بفعل الزحف العمراني والتطور التقني والاقتصادي الذي قضى على أغلب أحياء العاصمة الرياض التي كانت منجما للاعبين، والتي شبهها العثمان بالسحر لدى أغلب لاعبي الأندية قبل نظام الاحتراف إذ إنهم يتركون تدريبات أنديتهم ويتجهون للعب في الأحياء، وكان فريق الشفا يضم في تلك الفترة عددا من اللاعبين البارزين الذين كان لهم حضور كبير مع أندية الهلال والنصر والمنتخبات السعودية كسعود الحماد وصالح المطلق وسعود الحمالي وسلطان خميس وخالد الجابر وراشد الدكان وعبدالله الأحيمر ونواف خميس وسعد المهدي ـ رئيس تحرير صحيفة الرياضية ـ وخالد الغانم ـ رحمه الله ـ، كما تولى عبدالله العثمان العمل الإداري بدرجتي (الشباب ـ والأول) في فترات متعددة ومتقطعة بدأت عام 1407 هـ، وانتهت عام 1416 هـ.