كلنا نصوم في شهر رمضان، لكن كم منا يدرك أهمية التركيز على مراعاة مشاعر صيام نصفنا الآخر؟ ففي خضم متاعب الوظيفة ومسؤوليات الأسرة وتلبية احتياجات الشهر قد ننسى، ولو للحظات،
تلك التفاصيل المهمة التي تحدد عمق العلاقة الزوجية بين شريكين تعاهدا على تقاسم حلو الحياة ومرها، وبما أن الشهر الفضيل هو شهر العبادة والتقرب للبارئ بكل أفعالنا وأقوالنا فلم لا نعتبرها فرصة لتجديد عهد الشراكة والمودة والرحمة، فنستبدل الأخذ بالعطاء، العناد بتقديم التنازلات، الأسى بالتسامح، الغضب بالهدوء، الغلظة والمهانة بالكلام الرقيق واللطيف؟
طبعا كلامنا هذا لا يعني أن نكون متحابين في شهر رمضان وننسى الأشهر الأخرى، بل الذي نقصده هو أن نزيد الجرعة في شهر الصيام ونجعله مثالاً لأيام السنة التالية، ليس من أجل شيء، بل اعتراف وتقدير لجميل كل من الشريكين تجاه الآخر.
ليس بالطلب العجيب
في هذا الصدد تقول الاختصاصية الاجتماعية رانيا حمدان:
إن المرأة ناعمة ورقيقة بطبيعتها، تحب اللطف في المعاملة واستخدام الكلمات الجميلة في المحادثة، وهي كما زوجها، تصوم عن وجباتها المفضلة وفنجان القهوة أو الشاي الذي لا تستطيع تكملة يومها من دونه، ومع ذلك لا تتلكأ في القيام بواجباتها داخل المنزل وخارجه، خصوصا في المطبخ، حيث تصرف وقتا طويلا في إعداد ما يروق للزوج من إفطار وما يرغب فيه، إذن ليس بالأمر الغريب والطلب العجيب أن يتفهم الزوج طبيعة زوجته ويغدق عليها مشاعر الود والرحمة التي توفرهما له أصلاً وبشكل دائم، سواء في رمضان أو الأشهر الأخرى.
لا تتعذر بالصوم
قد يعترض بعض الأزواج ويصرون على أنهم في صيامهم لا جلد لديهم على مسايرة نسائهم إذ تكفيهم لائحة متطلباتهن اليومية، للأسف هؤلاء هم الأزواج الأنانيون الضعفاء الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم وبطونهم الخاوية وموعد الإفطار، فلا تكن كذلك، ولا تعتبر أن مهمة زوجتك الوحيدة أن ترعى مصالحك الشخصية، خصوصا في هذا الشهر، مانحا لنفسك عذر الصوم، فهي أيضاً تصوم مثلك ولها نفس احتياجاتك وطلباتك واهتمامك بها من أولويات واجباتك كزوج صائم.
كن متعاونا
عدا عن معاملتك اللطيفة عليك أيضاً أن تتطلع إلى تعاونك معها في توزيع المسؤوليات المترتبة على صيامكما، من كتابة لائحة بأصناف الطعام المطلوبة والذهاب للسوبر ماركت لشرائها، إلى التنسيق معها لدعوة الأهل والأصدقاء إلى الإفطار وإلى التحضير للمائدة وغسل الأطباق والمذاكرة للأولاد... إلخ..
هذا التعاون سيحول الحياة بينكما إلى عشرة هنية ورضية بعيدا عن أي انتكاسات وعصبية.
وصايا للزوجة
على الزوجة أن تتبع هذه الإرشادات التي يقدمها د.محمد رمزي، فتكون السباقة في معاملة زوجها بالحسنى والرقة والكياسة واللطافة لكي تكسبه من جهة ومن جهة أخرى تفرض عليه المعاملة بالمثل بصورة غير مباشرة.
وكما للزوج واجباته كذلك للزوجة واجباتها تجاه زوجها، ومن أهم ذلك كيفية تصرفها معه أثناء صيامه الذي قد يشعره أحياناً بالجوع الذي يعتبر المولد الأساسي لعصبيته التي لا داعي لها، فالجوع بحسب تعبير بعض الخبراء يفقد بعض الرجال بصرهم وربما بصيرتهم، فهناك من تكون لديه قدرة على تحمل الجوع وهناك من لا يقدر، خصوصا إن كان زوجك من المدخنين، هذا لا يعني التشكيك في صيامه وإتمامه لواجباته الدينية، لكن لكل نفس قدرة على التحمل وربما كان زوجك ممن لا يملكون هذه القدرة.
وهذه الإرشادات هي:
· لا ترهقيه بطلباتك وما تهفو له نفسك في صيامك.
· الجوع لا يرحم، خصوصا عند الرجال، فهم لا يحتملون الجوع كالنساء وفي هذه الحالة يصبحون ميّالين إلى الشجار، فلا تثيري حفيظته ولا عصبيته، بل توخي الحذر في تعاملاتك معه.
· تحضري جيداً لكل يوم من أيام الصيام، قدمي له الوجبات التي يحبها وليكن الطعام جاهزاً على المائدة مع حلول موعد الإفطار.
· لا تتخميه بالطعام فيتكاسل وتهبط عزيمته، ولا بالمصروف فيتوتر ويقلق، بل ركزي كل يوم على نوع مغذ من الحساء وطبق آخر قليل الدسم لينام على معدة خفيفة، وتذكري أن التمور والألبان والعسل تخفف العصبية وتساعد على النوم.
· لا تفرضي عليه مائدة أهلك الأشهى من مائدة أهله، بل اتركي له حرية الاختيار.
· استعيني بالذكر والتسابيح على تصريف أمورك وقضاء يوم صيامك وشجعيه على ذلك لأنه يؤمن لكما الهدوء وصفاء النفس والروح.
· حدثيه في أمور الصيام والعبادة، وأنه يصوم لنفسه والصبر على الجوع له حسنة وهو نوع من التطهير والصحة للنفس والجسد والفكر.
محاذير للزوج:
كما للزوجة وصايا فللزوج أيضاً أن يتبع هذه الإرشادات، فلا تعتبر أن ما يطلب منك كثير ويحتاج إلى بطولة، فقط تعامل مع زوجتك كما تريدها أن تعاملك وتقيد بهذه المحاذير التي يقدمها الدكتور محمد رمزي، اختصاصي علم النفس:
· لا تكثر من طلباتك أثناء صيامها ولو كان ذلك في حدود واجباتها المنزلية، فرفقك بها يوقظ فيها محبتها واحترامها وتقديرها لك، وقد يدفعها أيضاً لأن تنفذ لك ما لم تطلبه منها.
· إن كان في بالك طعام ما أو طبق حلوى معين، لا تستخدم في ذلك أسلوب الأمر كونك رجل البيت وسيده وطلباتك مطاعة، بل صارحها بما في بالك واترك لها حرية التنفيذ أو الرفض.
· لا تنتقد طريقة طهوها للطعام أو قلة ملوحته أو تبهيره بعد أن قضت وقتا طويلا في إعداده، فالأفضل أن تطلب منها قارورة الملح والبهار فتفهم مغزى طلبك وتصحح الخطأ في اليوم التالي.
· لا تتكاسل في توزيع مهام العمل والمسؤوليات الزائدة في الشهر الفضيل.
شاركها في كل الأدوار لكي تخفف عنها وعنك الكثير من الأعباء النفسية خلال يوم الصيام.
· لا تفاجئها بدعوة قريب أو صديق للإفطار، بل حدد معها الموعد واستعدا له بنفسية سليمة وكريمة.
· بعد الإفطار والانتهاء من واجبات الصلاة لا تتخل عن فكرة خروجك معها للمشي أو لتناول مرطبات أو حلويات عند الأهل أو في مكان يليق بالشهر.
· لا تنس أن زوجتك مخلوق حساس، دواؤه المعاملة الحسنة والاحترام والتقدير.
· لا تتناس هذه المحاذير بعد انتهاء شهر الصيام، بل استمر في تطبيقها لأن زواجكما عبارة عن شراكة تعاونية أساسها الود والاحترام المتبادل والتعاون وتحمل المسؤولية في كل الأزمان والأمكنة.