في بداية احتفالات الأهلي بالمئوية
شباب مصر يحتفي بالعقل والعلم والمعرفة.. وتشغله ملاعب المستقبل!
د.زويل يقول لأبوتريكة: أنا عايز أتصور معاك!
كتب: حسن المستكاوي
كأنه شاعر يلقي بقصيدة وسط جمع غفير من الناس ينصتون باهتمام لأكثر من ساعة, وهؤلاء الناس يخشون أن يفسدوا لحظات الاستمتاع بالكلمة بالتصفيق إعجابا وتقديرا وعندما إنتهي د.أحمد زويل من إلقاء محاضرته عن ملاعب المستقبل التي سيلعب بها العالم في القرن الحادي والعشرين, صفق الحضور وقاموا عن كراسيهم, في تعبير عن الاحترام الشديد لرجل عقل وعلم ومعرفة!
كانت بداية موفقة وقوية لاحتفالية الأهلي المئوية وكان اختيار د.أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل في العلوم رسالة إلي أعضاء النادي وشبابه وإلي الحركة الرياضية المصرية.. رسالة تقول إن التقدم يتحقق بالعلم والمعرفة, وإن الأهلي لايحتفل بمائة عام مضت فقط, ولكنه يحتفي بمائة عام قادمة.
وكانت الصالة المغطاة مسرحا لائقا بالاحتفالية وبالمناسبة والضيف, فالديكورات فيها جلال المائة عام, وقيمة المكان والمكانة, وتحدث حسن حمدي رئيس الأهلي عن دور ناديه وتاريخه وبطولاته, وأكد أن الفضل فيما وصل إليه الأهلي يعود إلي جماهيره العريضة وإلي الأعضاء.
وتكلم المهندس ابراهيم المعلم رئيس اللجنة العليا للاحتفال بالمئوية عن أحلام عمر لطفي صاحب فكرة تأسيس النادي, من أجل منشأة رياضية عملاقة, لكنه لم يكن يحلم بأن تحقق تلك المنشأة كل هذه الإنجازات والتأثير في الحركة الرياضية المصرية والثقافية خلال المائة عام.. وأشار المعلم إلي رموز مصريةاحتفت بالأهلي واحتفي بها الأهلي.. علي مدي تاريخه.
وتحدث الشاعر فاروق جويدة رئيس اللجنة الثقافية للاحتفالية عن دور الثقافة في النادي, وعن اختيار صورة مضيئة للعقل المصري لبدء الاحتفالية.
أما الدكتور أحمد زويل فقد ربط بين ملعب كرة القدم بمنظومته التي تقوم علي تعاون اللاعبين في اطار احترام القانون, وبين ملاعب المستقبل التي يلعب بها العالم في إطار روح الفريق واحترام الدستور وحرية الفرد.. وقال إن التحديات التي تواجهنا كبيرة, فلابد من العلم والبحث العلمي, وتغيير مفهوم التعليم الذي مازال قائما علي الحفظ والتلقين, ومدي تأثير التربية الأسرية علي صياغة عقل الإنسان.
وعلي الرغم من حرصي علي حضور ندوات للدكتور أحمد زويل في الأوبرا منذ سنوات, كنت قلقا قليلا من حجم الاقبال الجماهيري علي محاضرته في الصالة المغطاة بالأهلي.. لكن أعضاء النادي رفعوا رأسه واسمه.. فقد فاق الحضور كل التوقعات.. وامتلأت مدرجات الصالة عن آخرها, وكان معظمهم من الشباب, وحين ضاق المكان وقف المئات خارج الصالة المغطاة لمتابعة المحاضرة عبر شاشات عملاقة.. وكان ذلك تأكيدا لأكثر من معني وقيمة.. فلا فارق بين جمهور الأوبرا وأعضاء الأهلي.. وبين كل المصريين الذين يهتمون بكل ما هو جاد وبكل ما هو صادق وبكل ما يضيف إلي علمهم ومعارفهم.. فالذين يبيعون لنا كل يوم الاسفاف والهزل والتفاهات يبررون بضاعتهم بمقولة: الجمهور عاوز كده.. وهذا غير صحيح إطلاقا. فالجمهور يبحث عن الجدية والعقل والعلم والمعرفة, ولا أظن أن الصالة المغطاة بالأهلي يمكنها أن تستقبل هذا العدد نفسه من الناس في ندوات التسطيح والتعصب والافتعال والمعارك التافهة التي تلقي علينا كل يوم عبر شتي الوسائل!
وطوال المحاضرة كنت أتساءل: لماذا يحظي د.أحمد زويل بكل هذا التقدير والحب والاحترام من الناس ومن الشباب؟
عندي تفسير.. فهذا العالم حصل علي أرفع جائزة علمية عرفتها البشرية.. وكان فوزه انتصارا لكل مصري.. فالدكتور زويل فاز بنوبل وهو يعمل في معقل العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي, وهي الولايات المتحدة الأمريكية. والعلوم مجال لم تحقق فيه مصر انتصارات كثيرة أو كبيرة منذ انتهي عصر الفراعنة!
بجانب أن الدكتور أحمد زويل شديد التواضع, يكتسي وجهه بابتسامه تبث الأمل, وقد ظل مصريا خالصا وهو يدرس, ثم وهو يبحث, ثم وهو يتوج بجائزة بنوبل فهو لا يرتدي الثوب الأمريكي من باب التفاخر وفي الوقت نفسه لم ينكر أبدا فضل الولايات المتحدة التي منحته الفرصة الكاملة.. ولذلك ظل قريبا من أهله وناسه في مصر.
ولفت نظري أن العالم المصري الكبير حرص علي الاشارة إلي الزمالك أكثر من مرة, وقال إنه وعد بالمشاركة في احتفاليته بالمئوية إن شاء الله, وعندما طلب منه لاعبو الفريق الأول لكرة القدم التقاط الصور التذكارية معه كان سعيدا بهم, ثم مازح محمد أبوتريكة قائلا: تعال ده أنا اللي عاوز أتصور معاك!