دعاء الوتر::-
1- إِنَّ التلحين، والتطريب، والتغني، والتقعر، والتمطيط في أَدَاءِ الدُّعاءِ مُنْكَرٌ عَظِيم، يُنَافِيْ الضَّرَاعَة والابْتِهَال والعُبُوديَّةَ، وداعِيةٌ للرياء والإِعجاب، وتكثير جمع المعجبين به، وقد أَنكرَ أَهل العلم على من يفعل ذلك في القديم والحديث.
فعلى الإمام أن يلقي الدعاء بصوته المعتاد، بضراعة وابتهال، متخلِّصا مما ذكر.
2- يُجْتَنَبُ جَلْبُ أّدعية مخترعة، لا أَصل لها، فيها إِغراب في صيغتها وسجعها، وتكلفها حَتَّى إِنَّ الإمام ليتكلف حفظها، ويَتَصَيَّدهَا تَصَيُّداً، ولذا يَكثُرُ غلطه في إِلقائها، ومع ذلك تراه يلتزمها، ويتخذها شعاراً، وكأَنما أَحيا سُنَّة هجرتها الأُمَّة.
3- يُجْتَنَبُ التزام أَدعية وردت في روايات لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأَن في سندِها كَذَّاباً، أَو متَّهماً بالكذب أَو ضعيفاً لاَ يُقْبَلُ حديثه، وهكذا.
ومنها: حديث فُرَاتٍ عن علي رضي الله عنه قال : قال لي علي: «ألا يقوم أحد فيصلي أَربع ركعات، ويقول فيهن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تم نورك فَهَدَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ، عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الحَمْدُ ... إلى قوله: وَلاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَكَ قَوْلُ قَائِلٍ». رواه أَبو يعلى بسند ضعيف؛ لأَن فيه عدة علل، منها: أَن فُرَاتَ بن سلمان لَمْ يَلْقَ علياً رضي الله عنه ؛ فهو منقطع الإِسناد .
4- وَيُجْتَنَبُ قَصْدُ السَّجع في الدعاء، والبحث عن غرائب الأَدعية المسجوعة على حرف واحد.
وقد ثبت في صحيح البخاري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال له: «فانظر السجع في الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَصحابه، لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب».
ومن الأَدعية المخترعة المسجوعة: «اللهم ارحمنا فوق الأرض، وارحمنا تحت الأرض، وارحمنا يوم العرض».
ولا يرد على ذلك ما جاء في بعض الأدعية النبوية من أَلْفَاظ مُتَوَاليَة، فهي غير مقصودة، ولا متكلفة، ولهذا فهي في غاية الانسجام.
5- وَيُجْتَنَبُ اختراع أَدعية، فيها تفصيل أَو تشقيق في العبارة، لِمَا تُحْدِثُهُ مِنْ تحريك العواطف، وإِزعاج الأَعضاء، والبكاء، والشهيق، والضجيج، والصَّعَق، إِلى غير ذلك مِمَّا يَحْدُثُ لِبَعْضِ النَّاسِ حَسَبَ أَحوالهم، وقُدُرَاتِهِم، وطاقاتهم، قُوَّةً، وَضَعفاً.
ومن تضمين الاستعاذة بالله من عذاب القبر، ومن أَهوال يوم القيامة، أَوصافاً وتفصيلات، ورَصَّ كلمات مترادفات، يُخْرجُ عن مقصود الاستعاذة، والدُّعاء، إِلى الوعظ، والتخويف، والترهيب.
وكل هذا خروج عن حدِّ المشروع، واعتداء على الدعاء المشروع، وهجر له، واستدراك عليه، وأَخشى أَن تكون ظاهرة ملل، وربما كان له حكم الكلام المتعمد غير المشروع في الصلاة فيُبْطِلُها.
6- وَيُجْتَنَبُ إيراد أدعية تَخْرُجُ مَخْرَجَ الدُّعاء، لكن فيها إِدْلاَلٌ على الله تعالى حتى إِنَّك لتسمع بعضهم في أول ليلة من رمضان يدعو قائلاً: «اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا» وقد يدعو بذلك في آخر رمضان، ولا يقرنه بقوله: «وتجاوز عن تقصيرنا، وتفريطنا».
7- ليس من حق الإِمام أَن يُرَاغِمَ المأمومين، ولا أن يُضَارَّهم بوقوف طويل يشق عليهم، ويُؤمَّنُوْنَ مَعَهُ على دعاء مخترع لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أَو يكونوا في شك من مشروعيته، وبينما هو في حال التغريد والانبساط فهم في غاية التحرج والانزعاج