بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيئـات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثل له ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهد أنَّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه، الصلاة والسلام عليك سيّدي يا أبا القاسم، يا أبا الزهراء، يا قرّة عيني ويا حبّ فؤادي يا محمّد، يا محمّد ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا أدركنا يا رسول الله، أدركنا بإذن الله.
أما بعد عشاق محمّد فإني أحبّكم في الله وربِّ محمدّ وأوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي أنزل القرءان على قلب حبيبه محمّد. {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ}. (ءال عمران/81)
فكلامنا اليوم إخوة الإيمان عن تبشير الأنبياء بسيّد المرسلين سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وحري بي قبل أن أروي لكم رواية الحاكم في مستدركه أن أذكّركم بأن الله ليس كمثله شىء وأنه ليس روحًا وليس جسمًا ولا يوصف بصفات الجسم وأن اليد إذا إضيفت إلى الله في القرءان أو الحديث ليس على معنى الجارحة، ليس على معنى اليد التي يوصف بها المخلوق.
فلقد روى الحاكم في مستدركه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَما اقترف ءادم الخطيئة قال: يا ربِّي أسألك بحقّ محمّد إلا غفرت لي فقال الله:يا ءادم (وهوأعلم لا شك) كيف عرفت محمّدًا ولم أخلقه بعد فقال يا ربّ لأنك لَما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك (أي أمرت الملك فنفخ الملك فيّ الروح المشرفة عندك) رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمّد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ الخلق إليك ، فقال الله صدقت يا ءادم إنه لأحبّ الخلق إليّ وإذ قد سألتني بحقّه فقد غفرت لك". اللهمّ اغفر لنا بحقّ محمّد يا أرحم الراحمين.
إخوة الإيمان، إن الله تعالى أمر بالإيمان بنبيّه محمّد عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل ، فقد قال عزّ وجلّ في سورة الأعراف: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }. الآية. سورة الأعراف/157
وروى الإمام أحمد أن رجلاً من الأعراب قال: جلبت جلوبة (أي بضاعة) إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا فرغت من بيعي قلت لألقين هذا الرجل (يعني النبي) فلأسمعنّ منه قال فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم حتى أتوا على رجـل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت (أي يقرأ التوراة أمام ابنه الذي يُحتضر بين يديه) كأحسن الفتيان وأجملهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجدني في كتابك ذا صفتي ومخرجي فقال برأسه هكذا (أي لا) فقال ابنه أي والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك وأشهد أنْ لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: أقيموا اليهودي عن أخيكم ثم ولّى كفنه والصلاة عليه" (أي أمر بتكفينه والصلاة عليه لأنه مات مسلمًا).
ثمّ إن الله تعالى أمر جميع الأنبياء بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، والأنبياء بشّروا وأمروا باتباعه، فلقد روى البخاري عن ابن عباس قال: "ما بعث الله نبيًا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنّن به ولينصرنّه وأمره أن يأخذ على أمته اليمثاق لئن بعث محمّد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه".
وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بمدراس اليهود فقال لهم: "يا معشر اليهود أسلموا فوالذي نفسي بيده إنكم لتجدون صفتي في كتبكم".
وإبراهيم الخليل عليه السلام لَما فرغ من بناء البيت من بناء الكعبة قال ما أخبر ربّنا تبارك وتعالى عنه في محكم كتابه: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً
مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } سورة البقرة/129.
وقد ذكر الإمام أحمد عن أبي امامة قال: "قلتُ يا نبي الله ما كان بدء أمرك قال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ابن مريم". وذلك إخوة الإيمان كما ذُكر في سورة الصف في قوله تعالى حكايةً عن سيدنا عيسى: { وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الآية/ سورة الصف/6.
صلى الله على محمد صلاة يقضي بها حاجاتنا ويفرج بها كرباتنا ويكفينا بها شر أعدائنا وسلم عليه وعلى ءاله وصحبه الطيبين سلامًا كثيرًا .
هذا وأستغفر الله لي ولكم