بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له ، ولا شكل ولا صورة ولا أعضاء له ، ولا شبيه ولا مكان له ، فهو القائل سبحانه وتعالى في محكم كتابه: {ولم يكن له كفوا أحد} (سورة الإخلاص/4).
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه ، الصلاة والسلام عليك يا علم الهدى يا رسول الله ، يا طب القلوب ودواءها ، وعافية الأبدان وشفاءها، ونور الأبصار وضياءها.
أما بعد عباد الله ، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه: {يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير} الآية. (سورة المجادلة ءاية 11).
وبقول رب العزة في محكم كتابه: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (سورة الحج/32).
ومن شعائر المسلمين المساجد ، فالله تعلى شرفها وعظم شأنها وهي خير بقاع الأرض وأحب البقاع إلى الله تعالى.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير بقاع الأرض المساجد".
فتعالوا معي إخوة الإيمان نستمع في خطبة اليوم بإذن الله رب العالمين إلى شىء من ءاداب المساجد.
فبعلم الدين تعرف الآداب والمستحسنات والمكروهات ، بعلم الدين يميز بين الحسن والقبيح والمحرم والجائز ، حياة القلوب بعلم الدين.
أما الجاهل فيكون ميت القلب عرضة لجميع أنواع الشرور الكفر والكبائر والصغائر.
فللمساجد أحكام وءاداب ، فمن هذه الأحكام أنه لا يجوز تلويث المساجد بالقاذورات والنجاسات ، وإذا كان هذا الفعل أي التلويث للاستخفاف بها لأنها مكان الصلاة فإن ذلك ردة وكفر والعياذ بالله.
وأما إن كان لغير الاستخفاف لا يكون كفرا ولكنه حرام ، فمن لوث بقعة من المسجد بنجاسة عامدا كان عليه وزر.
وقد جعل الله تعالى من أحكام المساجد أنه يكره البيع والشراء فيها، ولكن يصح ، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا رأيتم من يبيع في المسجد أو يبتاع فقولوا له لا بارك الله لك ".
وليعلم أنه يجوز التكلم في المسجد بحديث الدنيا الذي ليس فيه معصية ، ليس غيبة لمسلم ولا غير ذلك من الكلام المحرم ، وليس صحيحا ما يقوله بعض الناس "الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ".
فهذا حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أحكام المساجد أيضا أنه يجوز الجلوس فيها محتبيا ومتربعا وكل كيفيات الجلوس فهي جائزة ، وكذلك الاستلقاء ولو مد رجليه إلى جهة القبلة فإن ذلك ليس حراما كما يزعم بعض الناس فإنهم يحرمون مد الرجل في المسجد إلى جهة القبلة ولا دليل لهم في ذلك ، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرم ذلك ولا ورد عنه النهي عن ذلك.
ومن أحكام المساجد المستحبة تنظيف المساجد وتطييبها أي جعل الطيب فيها بالتبخير بالبخور الطيب كاللبان أو العود الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبخر به ، وكان مسجد رسول الله يبخر بالعود من عهد عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا كل جمعة بلا انقطاع ، وهذه السنة مفقودة في هذه البلاد او نادرة ، فمن أحياها فيكون داخلا في حديث ابن ماجه: "من أحيا سنة أميتت بعدي كان له أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شىء ".
وللاعتكاف في المساجد شرطان: الشرط الأول النية وتكون بالقلب ولا يسن التلفظ بها باللسان.
وأما الشرط الثاني فأن يمكث في المسجد فوق قدر الطمأنينة في الصلاة ، معناه يمكث بقدر سبحان الله والحمد لله مثلا.
وإذا نذر الاعتكاف في المسجد صار فرضا عليه أن يعتكف ، وإن حدد مدة في نذره يجب عليه تلك المدة ، وإن لم يحدد مدة وجب عليه ما يسمى اعتكافا وهو ما كان فوق قدر الطمأنينة في الصلاة.
فلو مكث الشخص في المسجد ونوى الاعتكاف فيه بعد صلاة ولو لمدة يسيرة له في ذلك ثواب عظيم حتى ولو ظل تلك المدة ساكتا ولكن الثواب أعظم إذا شغل نفسه في هذه المدة بذكر الله من نحو قراءة القرءان والتسبيح والتمجيد لله تعالى بالتهليل أو التكبير.
اللهم اجعل القرءان ربيع قلوبنا ونورا لأبصارنا وجوارحنا إنك على كل شىء قدير.
هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية: (لتذكير بصيام ست من شوال)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.
أما بعد عباد الله ، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير وبالثبات على الطاعة وبالثبات على التوبة ، اتق الله أخي المؤمن في رمضان وفي غير رمضان ، اتق الله في السر والعلانية ، اتق الله وأنت أمام الناس وأنت في غيبتك عن أعين الناس ، يقول الله تعالى: {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير} (سورة الملك/12).
{إن الذين يخشون ربهم بالغيب} أي وهم في غيبتهم عن أعين الناس لهم مغفرة وأجر كبير.
وعليكم بالثبات في مجالس النور والخير والبركة ، مجالس علم الدين ، فالجاهل ميت القلب ، عرضة لجميع أنواع الشرور من الكفر والكبائر والصغائر.
وأذكركم ونفسي بصيام ست من شوال ، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ". رواه مسلم.
فسارع أخي المؤمن إلى الخيرات ، أنت الآن في هذه الحياة الدنيا فاعمل لآخرتك ، وتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة ".
واعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم ، أمركم بالصلاة والسلام على نبيه الكريم فقال {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد، يقول الله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}، اللهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
اذكروا الله العظيم يثبكم واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا، وأقم الصلاة.