الحول و علاجه
ماهو الحول ؟
تعريفه ببساطة هو عدم توازن حركة العينين حيث يستخدم الشخص المريض العين السليمة للتركيز على الشيء المراد رؤيته بينما تنحرف العين المصابة بالحول إلى الداخل أو لأعلى أو لأسفل.
وقد يظهر أحياناً ويختفي أحياناً أخرى ولكن إذا لم تعالج هذه الحالة في الوقت المناسب فعادة ما تتحول إلى حول دائم.
أسباب الحول:
للحول أساب عديدة منها ما يظهر بعد الولادة مباشرة أو خلال الستة شهور الأولى من العمر ويسمى هذا النوع (الحول الخلقي. وهناك أنواع من الحول قد تظهر بعد السنة الأولى من عمر الطفل وهذه الحالات يكون سببها أحياناً الإصابة بطول النظر في إحدى العينين أو كلتيهما.
ويمكن تقسيم الحول إلى حول شللي وحول غير شللي، أما الحول الشللي فيكون نتيجة الإصابة بضعف في إحدى عضلات العين أو شلل في العصب المنبه لها وتكون حركة العين محدودة في جهة العضلة المشلولة ولهذا النوع من الحول أسباب عديدة منها الإصابة بالأنفلونزا أو أمراض فيروسية أخرى أو نتيجة وجود مرض بالجهاز العصبي يؤثر على الأعصاب التي تنبه عضلات العين كما أن بعض حالات الحول الشللي تنتج عن أورام داخل الدماغ، أما عند كبار السن فيمكن لارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أن يؤدي للإصابة بالحول الشللي.
أما الحول غير الشللي فتكون حركة العينين فيه حرة غير محددة رغم وجود الحول مثل الحول الناجم عن خلل في الانكسار مثل مد النظر أو قصر النظر والذي قد يؤدي إلى ما يسمى بالحول الأنسي عندما تنحرف العين إلى الداخل أو الحول الوحشي عندما تنحرف إلى الخارج.
أعراضه:
يلاحظها أهل الطفل أو المريض البالغ وهي عبارة عن عدم انتظام حركة العينين سوياً.
وبالنسبة للأطفال صغر السن (تحت سن عشر سنوات) فإن عدم توازن العينين هو العرض الوحيد الواضح للإصابة بالحول. أما بالنسبة للبالغين فإن إصابتهم بالحول من الممكن أن تؤدي إلى ازدواج في الرؤية لديهم.
ومن المهم هنا أن نوضح جيداً أن ازدواج الرؤية أو عدم وضوح الرؤية بإحدى العينين، قد يصيب الأطفال المصابين بالحول كذلك. ولكن الدماغ يرفض الصورة المرسلة من العين المصابة بالحول لعدم وضوحها فيتم تجاهلها وسرعان ما يتوقف الطفل عن استخدام تلك العين بطريقة لا شعورية ويصاب نتيجة لذلك بكسل العين الذي يتطور بدوره شيئاً فشيئاً تاركاً الطفل ضعيف البصر بهذه العين مدى الحياة إذا ما بقيت الحالة بدون علاج، ويطلق على هذه الحالة تسمية العين الكسولة وهي تعني أن العين تعاني ضعفاً شديداً بالإبصار نتيجة إهمال الدماغ للصورة التي ترسلها تلك العين المصابة بالحول له رغم عدم وجود سبب عضوي لضعف النظر.
ومن الأعراض الشائعة كذلك لدى الأطفال المصابين بالحول هو اتخاذ الطفل لوضعيات مختلفة برأسه في اتجاه معين لكي يستطيع توجيه العين المصابة بالحول في الاتجاه المعاكس، فيتمكن بذلك من رؤية الأشياء بصورة متطابقة ويتخلص من رؤية الأشياء مزدوجة، وخطورة ذلك أنها تؤدي على المدى الطويل إلى تشنج في عضلات الرقبة ويكون العلاج عسيراً إذا أهملت الحالة.
تشخيص الحول:
أول ما يجب على الطبيب المتخصص عند فحص مريض الحول هو ما إذا كان هذا الحول حقيقياً أم أنه حول كاذب. ففي الحول الكاذب يوحي الشكل الظاهر للعينين بوجود الحول ولكن الطبيب يكتشف بعد إجراء الفحوصات اللازمة أن العينين سليمتان وأن المريض يرى بهما بصورة متوازية. وقد يكون الحول الكاذب نتيجة لكبر أو صغر فتحة العين أكثر من المعتاد، أو أن المسافة بين مركزي الحدقتين في العينين أصغر أو أكبر من المعتاد أيضاً، ولا تحتاج حالات الحول الكاذب لأي علاج و تختفي تلقائياً لدى الأطفال عند بلوغ سن السابعة أو الثامنة من العمر وقد تبقى أيضاً مدى الحياة وفي كل الأحوال فهي لا تحتاج إلى علاج معين.
كما يجب أن يحدد الطبيب المختص ما إذا كان الحول هو الظاهرة المرضية الوحيدة لدى المرض أو أنه عرض مصاحب لمرض آخر سواء بالقرنية أو العدسة أو الشبكية، حيث يمكن أن يصيب أحد هذه الأمراض عين الطفل في الصغر ويؤدي عدم تشخيصه مبكراً إلى حدوث الحول بإحدى العينين. وبعد تأكيد الطبيب على أن الحول هو حول حقيقي وليس حولا كاذباً أو نتيجة لمرض بالعين يبدأ في إجراء فحوصات طبية أخرى لتحديد نوع الحول وقياس درجته مما يساعد في الوصول إلى التشخيص والعلاج الصحيحين.
العلاج:
من المهم تشخيص وعلاج كسل العين قبل الشروع في علاج الحول ويستطيع الطبيب تحديد درجة الكسل ودرجة ضعف البصر عن طريق قياس القدرة البصرية لدى الطفل حتى في الشهور الأولى من العمر بواسطة أجهزة خاصة. وعلاج كسل العين ممكن فقط لدى الأطفال حتى سن العاشرة أما في حالة الأطفال بعد سن العاشرة وفي حالة البالغين فإن نقص القدرة البصرية الذي يسببه كسل العين يصبح دائماً ومن هنا تتضح أهمية تشخيص وعلاج الحول وكسل العين في سن مبكرة فكلما كان بدء العلاج في سن أبكر كانت أفضل.
وعلاج كسل العين يكون عادة عن طريق إجراءات غايتها تنشيط النظر بالعين المصابة بالكسل وذلك بتغطية العين السليمة لفترات محدودة، ويعتمد تحديد فترات التغطية على عمر المريض ودرجة كسل العين، وبعد علاج كسل العين يبدأ الطبيب في علاج الحول الذي يعالج حسب أسبابه وهنا يصف الطبيب المعالج للمريض فطرة لتوسيع حدقة العين ليتم تحديد ما إذا كان المريض بحاجة لنظارات طبية وتحديد الدرجات المناسبة للنظارات التي يجب أن يضعها المريض طول الوقت، وأحياناً يستغنى المريض بالحول عن النظارات عندما يتعدى الثانية عشرة من عمره وفي حالات أخرى قد يضطر لاستعمالها بشكل دائم، كذلك تمكن هذه القطرة الطبيب من فحص قعر العين (الشبكية والعصب البصري) بشكل دقيق.
تقوم هذه القطرات أو مراهم الاتروبين بتوسيع حدقة عين المريض وسوف يلاحظ المريض بعد وضع القطرة أن الأشياء القريبة من يده تصبح غير واضحة كما أنه سينزعج من ضوء الشمس، وقد يكون من الضروري وضع نظارات شمسية تخفيفاً لشعوره بعدم الارتياح، كما قد تحث هذه القطرات احمراراً في العين وارتفاعاً بسيطاً في درجة الحرارة أما إذا زادت الحرارة عن (38) درجة فيجب وقف استعمال القطرة.
العمليات الجراحية للحول :
تحتاج بعض حالات الحول إلى إجراء عملية جراحية لتعويم عضلات العين، بعد استنفاذ جميع الطرق البديلة للعلاج وفي بعض الحالات الأخرى يكون العمل الجراحي هو الحل العلاجي الوحيد الناجح منذ بداية الحول.
تجري كل عمليات الحول الجراحية عند الأطفال وكذلك عند بعض المرضى من البالغين، تحت التخدير العام.
وتبدأ عملية الحول برفع طبقة الملتحمة (هي غشاء رقيق يغطي الصلبة أو بياض العين)، ثم يتمكن الجراح من الوصول إلى عضلات العين الخارجية (عضلات العين الخارجية ست عضلات مسئولة عن تحريك العين في كافة الاتجاهات) المراد إجراء الجراحة عليها حيث يقوم بتقويتها أو إضعافها حسب حالة الحول عند كل مريض، وبعد انتهاء العمل على العضلات يقوم الجراح بإعادة الملتحمة إلى وضعها الطبيعي فتتغطى العضلات التي تمت عليها الجراحة دون أن يظهر أي أثر جراحي ملحوظ.
من الطبيعي توقع ظهور احمرار في العين مدة أسبوع إلى أسبوعين بعد الجراحة، ولكن في معظم الحالات يستطيع الطفل الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي مباشرة،ويحتاج المريض عادة إلى عملية جراحية واحدة لإصلاح الحول ولكن قد تحتاج نسبة ضئيلة من الحالات إلى إجراء عمليتين أو أكثر على فترات متباعدة وهو ما يعتمد على طبيعة وتشخيص الحالة، كما يحتاج المريض إلى الاستمرار في استخدام النظارات الطبية بعد إجراء العملية.
في الختام يجب أن نؤكد على ضرورة اهتمام الوالدين بطفلهم وعرضه على طبيب العيون منذ الصغر حتى وإن لم يشكو من أعراض مرضية وذلك للتأكد من سلامة عينيه فكلما كان العلاج مبكراً كانت النتائج أفضل والتغلب على المشكلة أسهل وذلك في عمر ما بين 3 إلى 4 سنوات وقبل الدخول إلى المدرسة. أما في حالة ظهور أعراض الحول على الطفل فيجب عرضه فوراً على الطبيب حتى ولو كان في السنة الأولى من عمره ويجب عدم تصديق الخطأ الشائع القائل بأن ظهور الحول في العام الأول من عمر الطفل ظاهرة طبيعية وأنه سيزول تلقائياً بعد فترة من الزمن.
المصدر : مركز ابن رشد التخصصي