إذا رغبت ان تفوز،، فاغتنم الكنـــوز
صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين إلا في رمضان، مع أنها صلاة مباركة وعظيمة القدر، ولهذا أقسم الله عز وجل بوقتها فقال تعالى: (( والفجر * وليال عشر )). وهي صلاة مشهودة من الملأ الأعلى قال تعالى: (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا )) ( الإسراء: 78).
أخي المسلم:
كم من أجور عاليات ضيعتها يوم نمت عن صلاة الفجر ؟
كم من كنوز من الحسنات فقدتها يوم تكاسلت عن صلاة الفجر ؟!
كم من تجارة رابحة قد تسبب الكسالى في كسادها؛ ويوم القيامة يرجون الرحمة وتمام النور ؟!
بركات صلاة الفجر؛ امتن الله تعالى على أهل صلاة الفجر بهذه الهدايا والمنح الإلهية:
- قيام ليلة كاملة:
فعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلّى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كلّه ) مسلم.
- فى ذمّة الله:
إنّ من فضل الله تعالى على أهل صلاة الفجر أنهم محفوفون بحفظ الله وعنايته، وهل هناك فوق ذلك من مزيد؟
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلّهنّ أمان
يقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ( من صلّى الصبح في جماعة فهو في ذمّة الله ) مسلم.
فهو بحول الله في حفظ ورعاية من ملك الملوك ورب الأرباب سبحانه وتعالى، ذلك المعنى الذي يفيض على النفس ثقة وطمأنينة ليقين العبد أنه في كنف الله وأنّ عين الله ترعاه.
- نور يوم القيامة:
ومن بركات صلاة الفجر أنها تفيض من النور على وجوه أهلها ما يميزهم عن غيرهم، وكيف لا وهذا هو أعز الأماني عند أحدهم وهو في طريقه إلى مسجده ( اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل من خلفي نوراً، ومن أمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً ).
وعند لقاء الله تعالى يفوزون بمطلبهم، قال صلّى الله عليه وسلّم: ( بشّر المشّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التّام يوم القيامة ) الترمذي وابن ماجه.
وعلى هذا؛ فمن أدمن المسير إلى المساجد زاد الله له في النور فيعمّه الضياء يوم القيامة وقد ورد في ذلك ( فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يغطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يغطى فوق ذلك، ومنهم من يغطى نوره مثل النخلة بيمينه حتى يكون آخر من يغطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة ) المنذري عن عبد الله بن مسعود.
قال الله تعالى: (( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم )).
- تقرير عن أهل صلاة الفجر:
إن من يحافظ على صلاة الفجر يتشرّف برفع اسمه في تقرير ملائكي إلى الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلّم { يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح والعصر، ثم يعرج الذين يأتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم كيف وجدتم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلّون وأتيناهم وهم يصلّون } البخاري بسند صحيح عن أبي هريرة.
- قيمة صلاة الفجر:
سبحان الله؛ يستيقظ العبد من نومه في اختبار يباعد بينه وبين راحته من أجل مجرد ركعتين من الفريضة تسبقهما ركعتان من النافلة ؟!.
وما أدراك ما قيمة النافلة في الصبح فضلا عن الفريضة ؟ يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) مسلم عن عائشة بسند صحيح.
تأمّل - أخي المسلم - وأعد التفكير في هذا البيان النبوي الكريم الذي يبين أن ركعتي السنة خير من الدنيا وما فيها ! فما قيمة الفريضة ؟...شيء يستعصي على الخيال إدراكه، فالحمد لله على مزيد الأجر.
- الرزق والبركة:
ومن بركات صلاة الفجر أنها تنزل العبد في مقام الطاعة وقت البكور الذي هو ذاته وقت البركة في الرزق، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا لأمته بقوله: ( اللهمّ بارك لأمتي في بكورها ) الترمذي بسند صحيح عن صخر الغامدي.
- البشرى بالجنة:
قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم: ( من صلّى البردين دخل الجنة ) البخاري عن أبي موسى الأشعري بسند صحيح؛ والبردان هما: الفجر والعصر.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( لن يلج أحد النار صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) مسلم عن عمارة بن رؤيبة بسند صحيح.
هذه أهم الكنوز الإيمانية لأهل صلاة الفجر في جماعة.
آثار وعقوبات ترك الفجر:
وكما أن للمحافظ على صلاة الفجر كنوزاً من الحسنات فإن هناك آثاراً بل عقوبات مخيفة لمن ضيع هذه الصلاة:
- من صفات المنافقين:
قال الله تعالى عن المنافقين: (( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ))( النساء: 214).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ) متفق عليه.
ومن كلام ابن مسعود رضي الله عنه الذي يثير الإشفاق والخوف [ لقد رأيتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق].
ويؤكد ذلك ابن عمر رضي الله عنه حيث يقول: [ كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن].
- الويل والغي:
قال الله تعالى: (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصّلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا )) ( مريم: 59).
وكما قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: أما إنهم لم يتركوها بالكلّية ولكن أخّروها عن وقتها كسلاً وسهواً ونوماً.
والغي واد في جهنّم - أعاذنا الله منها - تتعوّذ منه النار في اليوم سبعين مرة؛ فكيف بمن يلقى فيه ؟!.
وقال الله تعالى: (( فويل للمصّلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون )) ( الماعون: 5 - 6 ).
- بول الشيطان:
ومن مساوئ ترك الفجر أن تاركه يبول الشيطان في أذنيه كما وردعن ابن مسعود قال: ذُكر رجل عند النبي صلى الله عليه وسلّم نام ليله حتى أصبح، قال: ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه ) البخاري عن عبد الله بن مسعود.
ومعنى هذا أن الشيطان قد استولى عليه واستخفّ به حتى جعله مكاناً للبول والعياذ بالله.
- الكسل وخبث النفس:
ومن آثار ترك صلاة الفجر أن يصبح الشخص كسولاً كما ورد في الحديث: ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل، فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة فإن توضأ انحلّت عقدة، فإن صلّى انحلّت عقده كلّها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلاّ أصبح خبيث النفس كسلان ) مسلم.
- منع بركة الرزق:
قال الإمام ابن القيّم: [ ونومة الصبح تمنع الرزق لأنه وقت تقسّم فيه الأرزاق ]، وقد رأى ابن عبّاس رضي الله عنه ابناً له نائماً نوم الصبح فقال له: قم..أتنام في الساعة التي تُقسّمُ فيها الأرزاق ؟!.
أمور تساعد على صلاة الفجر في جماعة:
وهناك أمور تساعد على أداء صلاة الفجر في جماعة منها:
- النوم مبكراً؛ لأن الجسم له راحة، وإن طول السهر يحرم الإنسان من الاستيقاظ المبكّر، وقد ورد النّهى عن السّمر بعد العشاء إلاّ للضرورة كمسامرة الزوج لزوجته والجلوس مع الضيف ومدارسة العلم وغير ذلك من المباحات إلا ما ورد الدليل بالنهي عنه.
- الحرص على آداب النّوم من الوضوء وأداء ركعتين وأذكار النّوم وقراءة المعوذتين في الكفين ومسح ما استطاع من الجسد والنّوم على الشقّ الأيمن ووضع الكفّ اليمنى تحت الخد الأيمن والدعاء بالتوفيق للقيام.
- عدم الإكثار من الطعام والشراب:
لأن كثرة الأكل تورث ثقلا في الجسم والنوم وتقلل الخشوع.
- البعد عن المعاصي، فعلى الحريص على أداء الفجر في جماعة أن يبتعد عن المعاصي في النهار وذلك بحفظ الجوارح بالبعد عن النظر الحرام وآفات اللسان والسمع وسائر الأعضاء، فمن نام على معصية عوقب بالحرمان من شهود الفجر؛ لأن من أساء في ليله عوقب في نهاره ومن أساء في نهاره عوقب في ليله.
وأخيراً:
- لا تنس عاقبة الصبر، فمن عرف حلاوة العاقبة هانت مرارة الصبر، ومن لذ له الرقاد فاته المراد، وكما قيل: إذا لمع فجر الأجر هان ظلام التكليف.
- إن الأمة تُنصر بقبول الدعاء..وكم من دعاء لا يقبله الله تعالى؛ لأن صاحبه لا يحافظ على جماعة الفجر..فكم قصّر أهل الغفلة في نُصرة هذه الأمة ؟
- إن الأمر يحتاج إلى مجاهدة طويلة وصبر وعناد مع الشيطان، فإما أن تقهره بالقيام إلى صلاة الفجر وإما أن ينتصر عليك.
واستعن بالله، وتوكل على الله، فإنه من توكل على الله كفاه، ومن آوى إلى الله آواه.