قصة المعراج
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أتى بالمعراج ،ولم أر شيئاً قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملكٍ, فقال وأتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح قيل: من هذا ؟ قال : جبريل قيل : من معك ؟ قال : محمد, قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح . قال ثم رأيت رجالاً لهم مشافر كمشافر الابل ، في أيديهم قطع من نار كالأفهار (حجر علي مقدار ملء الكف) يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم ، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلت أموال اليتامى ظلماً . قال ثم رأيت رجالاً لهم بطون لم أر مثلهما قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة (العطاش) حين يعرضون على النار ، قال : قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء أكلة الربا . ثم قال رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء اللاتي أدخلن على رجال من ليس من أولادهم قال : ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما أبناء خاله ، قال : هذا يحي بن زكريا وعيسى بن مريم فسلم عليهما ، فسلمت وردا السلام ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ، قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب فسلم عليه ، فسلمت فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال : ثم صعد بي إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال هذا إدريس . قال : ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فاستفتح ، وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت إذا فيها رجل كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون (اللحية) ، لم أر كهلاً أجمل منه قال : قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال ثم صعد بي إلى السماء السادسة فاستفتح ، وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت قال هذا أخوك موسى بن عمران فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخل من أمتي . قال ثم صعد بي إلى السماء السابعة ، فاستفتح وتكرر نفس الحديث ، إذا فيها رجل كهل جالس على كرسي على باب البيت المعمور فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك وإذا خرجوا منه لا يعودون إليه قال : قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، فقال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح قال ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران ، قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ، قال ثم انتهيت إلى ربي ، وفرضت علىّ خمسون صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى بن عمران فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن الصلاة ثقيلة ، وإن أمتك ضعيفة ، فأرجع إلى ربك ، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، وتكرر ذلك إلى أن أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فقال لي مثل ذلك ، فقلت : قد راجعت ربي حتى استحيت منه ، فما أنا بفاعل , فمن أداهن منكم إيماناً بهن واحتساباً لهن ، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة