الطفل الاجتماعي سليم عاطفيا
يعتبر تعلق الطفل بأحد الكبار من حوله كالأم أو الأب من الأمور الهامة في النمو العاطفي عند الأطفال، حيث تنشأ علاقة متينة بين الطفل وبين من يقوم برعايته وهي الأم غالباً، وأحياناً غيرها سواء من الأسرة أو من خارجها، ويمكن لهذا التعلق من طرف الطفل أن يفسر بعض تصرفات الرضيع كالبكاء والذي مهمته تأمين الشروط المناسبة لتلبية احتياجاته كالغذاء والدفء والراحة وغيرها، وهذا التعلق من جهة الأم يفسر تصرفاتها في الاستجابة لحاجات الرضيع وطلباته. وكلما كان تجاوب الأم واستجاباتها لاحتياجات الطفل إيجابية ومنتظمة ومضمونة كلما زاد شعور هذا الطفل بالأمن والثقة بهذا العالم من حوله، وسينمو في هذا الجو وهو يشعر بأن هناك من يحرص على رعايته وحمايته وتلبية حاجاته. •الارتباط القوي ينشئ طفلاً مقاوماً عندما يقوم أحد الأبوين بالاستجابة لبكاء الطفل فإن هذا الطفل سيتعلم بأنه سيحصل على ما يحتاجه، عندما يحتاجه، وبأنه يستطيع الاطمئنان للحياة والعالم، ويستطيع الثقة بالآخرين، مما سيساعده ليكون طفلا مطمئناً سعيداً. ويعتقد بأن هذا الارتباط العاطفي القوي بين الطفل وأحد والديه سيكون له الأثر الكبير والإيجابي مدى الحياة، وقد ظهر أثر هذا من خلال دراسة حالات الأطفال الأكفاء الذين تعرضوا لمشكلات كبيرة في حياتهم ولكنهم استطاعوا مقاومة هذه المشكلات. ويظهر عند الأطفال الذين كوّنوا ارتباطا وتعلقا قويا بأحد الوالدين مستوى معقد من اللعب في سنّ الثانية من العمر. ومن هنا تظهر أهمية دور الآباء في إيجاد جو غنيّ بالرعاية والإثارة والعلاقات الإيجابية مع أولادهم، وهذا ما يشكل أرضية صحيّة مناسبة لحياة الأطفال ولتجنيبهم الكثير من المشكلات المحتملة. •ثقة بالنفس: ما يستفيده الطفل من هذا التعلق الآمن: إن هذا الارتباط القوي مع الوالدين يشير إلى أنهما سيقومان برعاية الطفل وحمايته، وبالاستجابة لتلبية احتياجاته، وستعين الطفل في قابلات أيامه على التأقلم الاجتماعي السليم. وسينعكس هذا على ثقة الطفل بنفسه والآخرين والعالم. •التعلق بالأبوين يثمر براً لاشك أن الطفل الذي يشعر بهذه الدرجة من الأمن والسلامة فإنه سيقدّر أكثر قيمة العلاقة التي تربطه بوالديه، وبالتالي يقدّر رعايتهما له ولذلك فسيحرص على الاستمرارية في هذه العلاقة الإيجابية فإذا به يتكيف مع رغبات والديه من خلال السلوك الاجتماعي المقبول. وسائل تنمية العلاقة العاطفية بالأبناء يقوم دور الكبار الراشدين في تقوية هذا التعلق على الاستجابة السريعة لاحتياجات الرضيع ونداءاته بطريقة محبة وهادئة، وعلى قضاء الوقت مع الأطفال بالحديث واللعب معهم، وعلى اللمس وتبادل النظرات معهم من خلال حملهم وضمّهم والغناء لهم وتغذيتهم وتقبيلهم، وتروي لنا السيدة النبوية موقفا رائعاً للرسول: صلى الله عليه وسلم المعلم والمربي عندما زاره في المدينة الرجل الأعرابي الذي استغرب عندما رأى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقبل أحد أحفاده فأعلن بأن له عشراً من الأولاد لم يقبّل منهم أحدا! عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا قط. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مستغربا ) ثم قال: من لا يرحم لا يُرحم . ( متفق عليه). ولكم وددت شخصياً كلما قرأت هذا الحديث لو أستطيع معرفة مصير هؤلاء الأولاد العشرة الذين حُرموا كل هذه السنين من مثل هذه الرعاية العاطفية من أبيهم!