ليس الحفاظ على جذوة حميمية العلاقة الزوجية مشتعلة بالأمر المستحيل، فبإمكان الأزواج أن يظلوا عاشقين على الدوام في حالة ما إذا عرف كل طرف ما يحب وما يكره الطرف الآخر، وغالبا ما يقحم الرجال في عالم العاطفة قيم الفعل، والسلطة، والكفاءة، فيما تفضل النساء البوح، بالعواطف، والتناغم في التبادلات العلائقية، والإبداع. إنها بعض من التباينات البيئية والقوية بين الرجل والمرأة. وهي اختلافات قد تشكل، في حالة عدم الانتباه إليها وأخذها بعين الاعتبار، أساس مشاكل حقيقية تهدد بناء الحياة الزوجية.
يعني الارتباط في إطار علاقة زوجية أن شخصين عاقلين ذكر وأنثى وافقا، بمحض ارادتهما، على المضي في طريق واحد وبالرغم م أنهما قد يتعاهدا في البداية بصيانة استمرار هذا الارتباط، فإن طريق الحياة حافل بما قد يفرق بينهما.
ولأن بناء الزواج ليس بالشيء الهين والاستمرار في هذه العلاقة القدسية ليس بالسهل، فإنه من الضروري أن يعمل الطرفان على ابتداع الوسائل الكفيلة بجعل سحر البدايات يفضي إلى علاقة دائمة.
إنها قضية عادية، لكنها، مع ذلك، كونية، تلك المرتبطة بخمود جذوة الحب بمجرد الارتباط والعيش تحت سقف واحد في قلب أكثر العشاق ولهاً وحماسة.
فهل هو قدر محتوم لا محيد عنه ونكسة لا يمكن تجاوزها؟
لحسن الحظ أن موقف العلماء النفسيين والمتخصصين في دراسة العلاقات الزوجية، يبعث على الاطمئنان ويدفئ القلوب ويعيد لها الأمل، لا سيما قلوب الزوجات، اللواتي يحبذن أن يظل الازواج عشاقا على الدوام، ذلك أن الأمر ليس بالمستحيل لاسيما اذا تضافرت جهود الزوجين في اتجاه ربط علاقات حيوية ومبتكرة من شأنها بث الديناميكية في علاقتهما كزوجين.
وترتكز هذه الديناميكية بالأساس على احترام شروط محددة تتصل بمعرفة ما يحب وما يكره الطرف الآخر، ثم أخذه بعين الاعتبار، والاتفاق على ميثاق خاص، واثبات الشخصية الجنسية الخاصة، استعمال الغضب واستغلال الصراعات والاعتراف بالجميل، الذي لا يعرفه وضع أو ظرفية معينة وإنما يكون تعبيرا خاصا وتلقائيا لا يتوقعة الشريك.
فالتعبير عن الغضب مثلا، يقضي على الاحساس بالذنب أو بالضغينة، وكلاهما شعوران قاتلان للحياة الزوجية، ثم أن علاقة حية هي علاقة تسمح في أن يتم في خضمها التعبير عن الغضب وعدم الرضا، وكي يعرف الصراع نهاية ايجابية لابد من اتخاذ تدابير ملموسة. إذ، كما يمكن الاعتذار للشريك يمكن كذلك، وهذا هو الأساسي، امتلاك نية الاصلاح وتصحيح المسار. وتحتاج المرأة باستمرار لأن يعبر الرجل لها عن مشاعره، وهي حاجة يعتبرها الرجل ترفا أو تفاهة من لدنها، فتلح ليعتبرها لجوجة لكن أيضا متصابية. وحينما تحتاج اليه كي ينصت إليها يبادرها بالنصح ليحولها الى طفلة صغيرة بحاجة للارشاد أكثر منها امرأة، أو قد يلوذ بالصمت أمام كل دفق حديثها. وفيما تحلم المرأة أن يتكهن الرجل انتظاراتها إلا أنه لا يستجيب إلا للطلبات المحددة الصادرة عنها.
وغالبا ما يقحم الرجال في عالم العاطفة قيم الفعل، فيما تفضل النساء التناغم والابداع وهذه الاختلافات قد تشكل في حالة عدم الانتباه إليها مشاكل حقيقية تهدد الحياة الزوجية. هذا، وحينما تتصل الاختلافات بالحياة الحميمية للزوجين، فإن المشكل يتعقد أكثر، لأن الايقاعات والاستيهامات تختلف بين الرجل والمرأة، وهذا تحديداً ما يجعل العلاقة الجنسية وما تحبل به من تبادلات تتميز بكونها صعبة وثمينة في الآن ذاته، ويظل الهدف الأسمى في العلاقة بين الزوجين هو تحقيق التناغم الحسي والعاطفي مع تجاوز كافة الاختلافات الخاصة بكل جنس.