بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب ..
إن الإنسان الناجح في حياته هو الذي يستطيع أن يؤثر في الناس بخلقه وسلوكه وأخوَّته ، وفي الحقيقة إن زرع معاني الأخوة في القلوب وجعل الناس يمارسونها في الواقع وينصهرون في بوتقتها ليس بالأمر اليسير ، إلا إنه يسير على من يسره الله عليه ، لذا فإن هناك أسسا وآدابا ووسائل يمكن من خلالها كسب الآخرين وتأليف قلوبهم وجعلهم أخوة متحابين بإذن الله ، ومن هذه الوسائل والآداب ما يلي :
1. الحصول على أكبر قدر من العلم الشرعي ، فإنه لا يمكن لأي إنسان أن يكون داعية إلى الخير ومعاني الأخوة الإسلامية إن لم يكن له حصيلة علمية نقية وفقه في الدين ، لأن الإنسان مدني بطبعه يحب الاختلاط والاجتماع والله يقول " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا .." [ سورة الحجرات : آية 13 ] فهو معرض لأسئلة الناس واستفساراتهم وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال :"حدثوا الناس بمايعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله " [ رواه البخاري ، ح 127 ] .
2. القدوة الحسنة ، فمن طابق قوله فعله وظاهره باطنه كان ناجحا في كسب الآخرين وإن الرجل لا يحسن كسب الأخرين حتى يكون قلبه مع لسانه سواء ، ويكون لسانه مع قلبه سواء ، ولا يخالف قوله عمله ، وهذا من أقوى الوسائل لكسب الناس إلى الخير والفضيلة ، كيف لا والله جل وعلا يقول : "يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " [ سورة الصف : آية 2، 3 ]
3. الحلم والصبر ، وإنما الحلم بالتحلم والإنسان الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم لا شك أنه أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ، لذا فإن الحلم والصبر من الصفات الضروية لكسب الآخرين ، وعكسه يولد الغلظة والنفرة والله يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام : "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفظوا من حولك "[ سورة آل عمران : آية 159 ] .
4. لطف المعاشرة والمسامحة ، ومحاولة إدخال السرور والأمل في قلوب الأخرين وهذا باب يفتح القلوب فتتقبل ما يعرض عليها بكل رحابة وسرور ، وبحسـن المعاشرة تدوم المودة ، قال عليه الصلاة والسلام : "ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار تحرم على كل هين قريب سهل "[ رواه الترمذي ، ح 2488 ] "وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما مالم يكن إثما " [ رواه البخاري ، ح 3367 ] .
5. التواضع وخفض الجناح للأخرين ، وهو باب يفتح القلوب الغلف إلى الحق ، وبه تحبب النفوس إلى الإيمان وما تواضع أحد لله إلا رفعه ، قال عليه الصلاة والسلام : "إن من أحبكم إلى أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون " .[ رواه الطبراني في المعجم الصغير ، ح 605 ] .
6.حسن الكلام وطيبه ، وهو مما يفظ للأصدقاء مودتهم ويقوي أخوتهم ، ويبطل كيد الشيطان ويسد طريق الإفساد والتفريق بينهم وهو سبيل إلى محبة الأخرين فمن لانت كلمته وجبت محبته ، واقرأ إن شئت قوله تعالى " وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط مستقيم " .[ سورة الحج : آية 24 ] .
7. خدمة الآخرين وحل مشكلاتهم ، وهو شعور اجتماعي نبيل ينم عن صدق الإيمان وصفاء العقيدة وطهارة السريرة ، وقد أحسن القائل :أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان وأحسن منه قوله عليه الصلاة والسلام : "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " [ رواه الطبراني في المعجم الصغير ، ح 907 ]