السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
والصلاة والسلام على خير مبعوث للعالمين محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .
كلنا قد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم عملالحكمة الرسول الكريم عليه السلام في صغره برعي الأغنام بقصد اكتساب القوت والرزق ،
ولكن الكثير منا لم يسأل نفسه لمَ يعمل النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان عمه يحوطه بالعناية التامة ، وكان له في الحنوّ والشفقة كالأب الشفوق ؟
سأجيب بثلاث دلالات هامة:
أولاً : الذوق الرفيع والإحساس الدقيق اللذان جمّل الله تعالى بهما نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، هما اللذان دفعاه للعمل ، ليرفع بعض ما يمكن رفعه من مؤونة الإنفاق عن عمه . وهو تعبير أخلاقي رفيع عن الشكر ، وبذل للوسع ، وشهامة في الطبع ، وبرّ في المعاملة
ثانياً : هذه الدلالالة تتعلق ببيان نوع الحياة التي يرتضيها الله تعالى لعباده الصالحين في دار الدنيا .لقد كان سهلاً على القدرة الإلهية أن تهيئ للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في صدر حياته ، من أسباب الرفاهية ووسائل العيش ما يغنيه عن الكدح ورعاية الأغنام سعياً وراء القوت .
ولكن الحكمة الإلهية تقتضي منا أن نعلم أن خير مال الإنسان ما اكتسبه بكدّ يمينه ولقاء مايقدمه من الخدمة لمجتمعه وبني جنسه .
ثالثاً : إن صاحب أي دعوة ، لن تقوم لدعوته أي قيمة في الناس إذا ما كان كسبه ورزقه من وراء دعوته أو على أساس من عطايا الناس وصدقاتهم . ولذا فقد كان صاحب الدعوة الإسلامية أحرى الناس كلهم بأن يعتمد في معيشته على جهده الشخصي أو مورد شريف لا استجداء فيه حتى لا تكون عليه لأحد من الناس منّة أو فضل في دنياه فيعوقه ذلك عن أن يصدع بكلمة الحق في وجهه غير مبال بالموقع الذي قد تقع من نفسه .
هذه المعاني لم تكن قد خطرت في بال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة ، ولكن الرعاية الربانية هي التي دفعته للعمل ، حتى لا يكون في حياة الرسول قبل البعثة ما يعرقل سبيل دعوته أو يؤثر عليها أي تأثير سلبي ، فيما بعد البعثة .
وصلى الله على نبينا محمدٍ المبعوث رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .