الكآبة والحزن والعُبوس ثلاثي يدمر حياة الزوجين.. فكيف يُواجه هذا الثلاثي الذي يغتال الراحة النفسية بين الزوجين ويحيل الحياة بينهما إلى منعطف خطير تنعكس آثاره على من حولهما خاصة الأبناء؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟ وكيف العلاج للخروج من هذا الحيز المظلم..؟!
هذا ما يجيب عنه التحقيق التالي:
يقول "أبو هداية": بعدما تزوجت لاحظت أن زوجتي دائماً تبكي على أتفه الأشياء، وبالتالي فالكآبة لا تغادر منزلنا! وبما أني من الأشخاص الذين لا يحبون تبادل النكت وغير ذلك؛ فوجدت أن خير مخرج لهذه الأزمة (وأنا أعتبرها حقيقة أزمة) أن أحول المواقف إلى دعابة وتعليقات طريفة، وبالتدريج بدأت زوجتي تتغير ونفسيتها تتحسن كثيراً عن ذي قبل، وبالطبع انعكس ذلك عليَ أولاً ثم على من حولنا.
وتقول "أم خالد": زوجي ذو شخصية معقدة، أو بمعنى أدق مكتئبة، وأنا على عكس ذلك تماماً فقد كنت قبل الزواج مرحة إلى حد كبير، ثم حدث بيننا تصادم، فكلما علقت على موقف بطرفة أو ضحكت وجدت منه عبوساً وعدم مشاركة؛ بل ضيقاً في أحيان كثيرة؛ فكنت ألوذ بالصمت أياماً ولا أضحك أو أبتسم إلا عندما أزور جارة لي أو مع زميلاتي في العمل، وكثيراً ما كان الشيطان يسول لي بأني لم أوفق في الزواج من هذا الرجل؛ لأن حياتي بالفعل امتلأت كآبة وعبوساً يصر زوجي على وجوده بيننا، ورغم أن أبنائي الآن في الجامعة إلا أن حياتنا ما زالت على هذا النهج! أنا أحب المرح والمزاح وزوجي ـ على الرغم من طيبة قلبه ـ يعشق الكآبة.. والحمدلله على كل حال!
وتدعو"أم عبدالله" إلى الوسطية في هذا الأمر فتقول: التوازن في كل شيء مطلوب وضروري؛ فالزوجة لابد أن تتسم بشيء من الدعابة والظرافة؛ لأنها هي من يجب أن يُسرِّي عن الزوج المثقل كاهله بهمومه الخارجية، كذلك على الزوج ألا يتخذ من انشغاله مدخلاً للعبوس والصرامة والقيام بدور "العسكري"؛ فالزوجة أيضاً لديها من هموم البيت وتربية الأولاد ـ حتى ولو كانت لا تعمل ـ ما يكون سبباً لعبوسها وكآبتها.
فلو استسلم كل طرف لهموم الحياة فلن تنفرج شفتا أحد عن ابتسامة! لذا يجب أن يتخلل الحياة شيء من الدعابة والمزاح وألا يكون المزاح ثقيلاً؛ فأحياناً بعض الأشخاص ـ تحت مظلة الترويح والمزاح ـ يحرج من أمامه؛ فلا يتخذ أحد الزوجين إخفاق الآخر في موقف ما مجالاً للمزاح ومادة للتنكيت! فهذا بالطبع تأثيره من أسوأ ما يكون على نفسية الطرف الآخر، وأحياناً يكون فيه إنقاص من شأنه؛ كأن يشتري الزوج مثلاً شيئاً أغلى مما هو متعارف عليه، أو تحرق الزوجة الطعام، فتجد الطرف الآخر يتخذ مما حدث مادة للدعابة؛ بل إن هناك من يعلق بشتى أنواع الطرائف على أخطاء زوجته أمام أهله ولا يشعر أنه بذلك يهدم من حيث يظن أن الدعابة والمرح هما سبيلا الخروج من هموم الحياة، فيبدأ الحزن والكآبة يتغلغلان إلى قلب الطرف الآخر (خاصة إذا كان شخصاً كما نسميه حساس) ثم نقول بعد ذلك إنه شخص مكتئب ولا يحب الترويح أو المزاح! ولكن لو تم المزاح والترويح بطريقة متوازنة وبدون أن يكون فيها جرح للمشاعر فستكون بإذن الله نتائجها إيجابية.