البكاء على الميت
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)) سورة الأحزاب:21،وقال تعالى: (( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه))،وقال تعالى: (( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم )) سورة الأنفال:46،و كما ينبغي لنا اليوم وفي كل يوم أن نرجع إلى الكتاب والسنة في ما اختلفنا فيه حيث قال تعالى: (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) سورة النساء:59،وكم قال تعالى: (( وما على الرسول إلا البلاغ المبين)) ومفاد هذه الآية المباركة: آتيتك بالدليل فبلغت والباقي عليك بالقبول أو الرد والله مطلع على ذلك، اللهم بلغت ، اللهم فاشهد.
الروايات الواردة في بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المتوفى وحثه على ذلك
1: بكائه (صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرض سعد بن عبادة:
في صحيح مسلم 2عن عبدالله بن عمر قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية، فقال: (( أقد قضى ؟))، فلما رأى القوم بكاء رسول الله ( صلى الله عليه ولآله وسلم) بكوا، فقال: (( ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا( وأشار إلى لسانه) أو يرحم)). شكوى له:أي مرض له. غشية: ما يغشاه من كرب الموت.
2: بكائه( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ابنه إبراهيمالله عليه وآله وسلم) : (( وإنا بك لمحزونون)): واللفظ للأول:
قال أنس: دخلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)…وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله ؟! فقال: (( يابن عوف، إنها رحمة))، ثم أتبعها بأخرى فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (( إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا،وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)).
النظر إلى الميت:****
عن أنس بن مالك؛ قال: لما قبض إبراهيم، ابن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( لا تدرجوه في أكفانه حتى أنظر إليه)) فأتاه فانكب عليه،وبكى.
الرخصة في لبكاء على الميت:
عن جابر بن عبدالله قال: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم،فوجده يجود بنفسه فأخذه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعه في حجره فبكى ، فقال له عبد الرحمن : أتبكي ، أولم تكن نهيت عن البكاء ؟ قال : (( لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان))،وفي الحديث كلام أكثر من هذا . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
3: بكاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على سبطه:111111111111
جاء في صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (( يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه07:
أن ابنة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) أرسلت إليه: أن ابنا لي قبض فأتنا ، فقام ومعه سعد بن عبادة ورجال من أصحابه، فرفع إلى رسول الله ونفسه تتقعقع ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : (( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)).
4: بكاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على عمه حمزة:******
قال: لما سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد غزوة أحد البكاء من دور الأنصار على قتلاهم، ذرفت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى، وقال: (( لكن، حمزة لا بواكي له)) ، فسمع ذلك سعد بن معاذ، فرجع الى نساء بني عبد الأشهل فساقهن فدعا لهن وردهن. فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك الى اليوم على ميت، إلا بدأت بالبكاء على حمزة، ثم بكت على ميتها .
5: بكاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على الشهداء بغزوة مؤتة:
في صحيح البخاري:
أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم وقال: (( أخذ الراية زيد، فأصيب. ثم أخذ جعفر، فأصيب. ثم أخذ ابن رواحة فأصيب))،وعيناه تذرفان… .
6: بكاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على جعفر بن أبي طالب:
:
لما أصيب جعفر وأصحابه دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بيته وطلب بني جعفر، فشمهم ودمعت عيناه، فقالت زوجته أسماء : بأبي أنت وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: (( نعم أصيبوا هذا اليوم)). فقالت أسماء: فقمت أصيح وأجمع النساء، ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعماه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (( على مثل جعفر فلتبك البواكي)).
7: بكاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على أمه عند قبرها:
:
عن أبي هريرة قال: زار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله.
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يزجر عمر عند نهيه عن البكاء
عن سلمة بن الأزرق قال: سمعت أبا هريرة قال: مات ميت من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : (( دعهن يا عمر، فإن العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب)).
عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو أنه أخبره : أن سلمة بن الأزرق كان جالسا مع عبدالله بن عمر بالسوق، فمر بجنازة يبكى عليها ، فعاب ذلك عبدالله بن عمر فانتهرهن، فقال له سلمة بن الأزرق: لا تقل ذلك فاشهد على أبي هريرة لسمعته يقول: وتوفيت امرأة من كنائن مروان وشهدها وأمر مروان بالنساء التي يبكين فجعل يطردن، فقال أبو هريرة: دعهن يا أبا عبدالملك ، فإنه مر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بجنازة يبكى عليها وأنا معه ومعه عمر بن الخطاب، فانتهر عمر اللاتي يبكين مع الجنازة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( دعهن يا ابن الخطاب فإن النفس مصابة وإن العين دامعة وإن العهد حديث)). قال : أنت سمعته؟ قال: نعم، قال: فالله ورسوله أعلم.
ما قالته السيدة عائشة أم المؤمنين في البكاء على الميت
:
عن ابن عباس ما موجزه: لما قدمنا المدينة لم يثبت أمير المؤمنين أن أصيب، فجاء صهيب يقول: واأخاه! واصاحباه! فقال عمر: ألم تعلم أو لم تسمع أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (( إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله)). فقمت فدخلت على عائشة، فحدثتها بما قال ابن عمر. فقالت: لا والله! ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قط (( إن الميت يعذب ببعض بكاء أحد)) ولكنه قال: (( إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو أضحك وأبكى. ولا تزر وازرة وزر أخرى)).
وعن القاسم بن محمدقال: لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر قالت: إنكم تحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ.
الميت، واللفظ للأول:
عن هشام بن عروة عن أبيه ، قال: ذكر عند عائشة قول ابن عمر: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت: رحم الله أبا عبدالرحمن ، سمع شيئا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازة يهودي وهم يبكون عليه، فقال: (( أنتم تبكون وإنه ليعذب)).
البكاء المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبدالله وأنكرت السيدة عائشة ونسبتها إلى النسيان والاشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ذلك.
مقارنة الروايات ونتيجتها:
أثبت القسم الأول من الروايات أنه كان من سيرة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) البكاء على من رآه مشرفا على الموت وعلى من توفى شهيدا وعلى قبر المتوفى.
وأثبت القسم الثاني من الروايات أن روايات نهي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن البكاء على الميت انحصرت بالخليفة الثاني وابنه عبدالله ، وثبت من استدراك أم المؤمنين عائشة عليهما وأقوال صحابة آخرين مثل أبي هريرة وابن عباس حول الأمر: أن ما رواه الخليفة الثاني وابنه عبدالله من نهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن البكاء على الميت كان خطأ. وأن البكاء على من يخاف موته وعلى المتوفى وعلى قبرالمتوفى من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنته وكفى بهذه اللآية القرآنية دليلا : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى)) .
وهكذا وبعد أن تم التعرف على حكم البكاء على الميت وفق نظرة الكتاب والسنة فقد أصبح عليك حجة بتبليغ من لايعلم ذلك اللهم بلغت ، اللهم فاشهد.مرحبًا بالأخ سلمان المحمدي
حينما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رُؤي باكيًا فقيل له يارسول الله : أتبكي ؟! فقال: يحزن القلب وتدمع العين ولانقول مايسخط الرب ).
ولكم في رسول الله اسوة حسنة ..
الإنسان طلقة من المشاعر ولا بد له من تلبيتها ولكن بما يرضي الله
وهو
هذا والله أعلم ، م\ق للافادة والله من ورا القصد شهيد وسلام عليكم