:: المعاصي والبدع والكبائر والتوبة منها ::
..
س: إلى كم تنقسم المعاصي ؟
ج : تنقسم إلى صغائر هي السيئات ، وكبائر هي الموبقات .
--------------------------------------------------------------------------------
س: بماذا تكفر السيئات ؟
ج : قال الله تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً ) ( النساء : 31 ) .وقال تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ( هود : 114 ) .
فأخبرنا الله تعالى أن السيئات تكفّر باجتناب الكبائر وبفعل الحسنات وكذلك جاء في الحديث : [ وأتبع السيئة الحسنة تمحها ]. ر واه أحمد والترمذي .
وكذلك جاء في الأحاديث الصحيحة أن إسباغ الوضوء على المكاره ، ونقل الخطا إلى المساجد ، والصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان وقيامه ، وقيام ليلة القدر ، وصيام عاشوراء وغيرها من الطاعات أنها كفارات للسيئات والخطايا ، وأكثر تلك الاحاديث فيها تقييد ذلك باجتناب الكبائر وعليه يحمل المطلق منها ؛ فيكون اجتناب الكبائر شرطاً في تكفير الصغائر بالحسنات وبدونها .
--------------------------------------------------------------------------------
س: ما هي الكبائر ؟
ج : في ضابطها أقوال للصحابة والتابعين وغيرهم فقيل : هي كل ذنب ترتب عليه حد ، وقيل هي كل ذنب أُتبع بلعنة أو غضب أو نار أو أي عقوبة وقيل هي كل ذنب يشعر فعله بعدم اكتراث فاعله بالدين وعدم مبالاته به وقلة خشيته من الله ، وقيل غير ذلك ، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة تسمية كثير من الذنوب كبائر على تفاوت درجاتها ؛ فمنها كفر أكبر كالشرك بالله والسحر ، ومنها عظيم من كبائر الإثم والفواحش وهو دون ذلك كقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، والتولي يوم الزحف ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وقول الزور ، ومنه قذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين وغير ذلك .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع .
ومن تتبع الذنوب التي أطلق عليها أنها كبائر وجدها أكثر من السبعين فكيف إذا تتبع جميع ما جاء عليه الوعيد الشديد في الكتاب والسنة / من إتباعه بلعنة أو غضب أو عذاب أو محاربة أو غير ذلك من ألفاظ الوعيد فإنه يجدها كثيرة جداً .
--------------------------------------------------------------------------------
س: بماذا تكفّر جميع الصغائر والكبائر ؟
ج : تكفّر جميعها بالتوبة النصوح قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ، عسى ربكم أن يكفّر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ) ( التحريم : 8 ) وعسى من الله محققة .
وقال تعالى : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات ) ( الفرقان : 70 ) .
وقال تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجناتٌ تجـري من تحتها الأنهار ) ( الآيات آل عمران :135 ) وغيرها .
وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [ الله أفرح بتوبة عبده من رجل نـزل منـزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال : أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ] . متفق عليه.
--------------------------------------------------------------------------------
س: ما هي التوبة النصوح ؟
ج : هي الصادقة التي اجتمع فيها ثلاثة أشياء : الإقلاع عن الذنب ، والندم على ارتكابه ، والعزم على أن لا يعود أبداً ، وإن كان فيه مظلمة لمسلم تحللها منه إن أمكن فإنه سيطالب بها يوم القيـامة إن لم يتحللها منه اليوم ويقتص منه لا محالة ، وهو من الظلم الذي لا يترك الله منه شيـئاً ، قال صلى الله عليـه وعلى آله وسلم : [ من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهـم إن كان لـه حسنات أخذ من حسناته وإلا أخـذ سيئـات أخيـه فطرحت عليه ] . رواه البخاري .
--------------------------------------------------------------------------------
س: متى تنقطع التوبة في حق كل فرد من أفراد الناس ؟
ج : قال الله تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبـون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) ( النساء :17 ) أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن كل شيء عصى الله به فهو جهالة سواء كان عمداً أو غيره ، وإن كل ما كان قبل الموت فهو قريب .
وقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [ إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ] رواه أحمد والترمذي . ثبت ذلك في أحاديث كثيرة ؛ فأما إذا عاين الملك وحشرجت الروح في الصدر وبلغت الحلقوم وغرغرة النفس صاعدة في الغلاصم فلا توبة مقبولة حينئذٍ ولا فكاك ولا خلاص ( ولات حين منـاص ) ( ص: 3 ) وذلك قوله عز وجل عقب هذه الآية : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضـر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ) ( النساء : 18 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
س: متى تنقطع التوبة من عمر الدنيا ؟
ج : قال الله تعالى : ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) ( الأنعام : 158 ) .
وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها ] ( الأنعام: 158) ثم قرأ الآية .
وقد وردت في معناها أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأمهات وغيرها ، وقال صفوان بن عسّال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : [ إن الله فتح باباً قبل المغرب عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه ] رواه الترمذي وصححه النسائي وابن ماجة في حديث طويل .
--------------------------------------------------------------------------------
س: ما حكم من مات من الموحدين مصراً على كبيرة ؟
ج : قال الله عز وجل : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) ( الأنبياء : 47 ).
وقال تعالى : ( الوزن يومئذٍ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ) ( الأعراف : 8 ، 9 ) .
وقال تعالى : ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء ) ( آل عمران : 30 ) .
وقال تعالى : ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمـون ) ( النحل : 111 ) .
وقال : ( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توّفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) ( البقرة : 281 ) .
وقال تعالى : ( يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خـيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) ( الزلزلة : 6 ، 8 ) وغير ذلك من الآيات .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [ من نوقش الحساب عذب ] فقالت له عائشة رضي الله عنها : أليس يقول الله : ( فسوف يحاسب حساباً يسيرا ) ( الانشقاق : 8 ) ، قـال : [ بلى إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب عذب ] .
وقد قدمنا من النصوص في الحشر وأحوال الموقف والميزان ونشر الصحف والعرض والحسـاب والصراط والشفاعات وغيرها ما يعلم به تفاوت مراتب الناس وتباين أحوالهم في الآخرة بحسب تفاوتهم في الدار الدنيا في طاعة ربهم وضدها من سابق ومقتصد وظـالم لنفسه ، إذا عرفت هـذا فاعلم أن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية ودرج عليه السلف الصالح والصدر الأول من الصحابة والتابعـين لهم بإحسان من أئمة التفسير والحديث والسنة أن العصاة من أهل التوحيد على ثلاث طبقات :
الأولى : قوم رجحت حسناتهم بسيئاتهم فأولئك يدخلون الجنة ولا تمسهم النار أبداً .
الثانية : قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة كما قال تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وتناديهم فيها قال : ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون . وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) - إلى قوله - ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) ( الأعراف : 46 ، 49 ) .
الثالثة : قوم لقوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش ومعهم أصل التوحيد والإيمان فرجحت سيئاتهم بحسناتهم فهؤلاء هم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم ، فمنهم من تأخذه إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، حتى أن منهم من لم يحرم الله منه على النار إلا أثر السجود ، وهذه الطبقة هم الذين يأذن الله تعالى في الشفاعة فيهم لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولغيره من بعده من الأنبياء والأولياء والملائكة ومن شاء الله أن يكرمه ، فيحد لهم حداً فيخرجونهم ثم يحد لهم حداً فيخرجونهم ثم هكذا فيخرجون من كان في قلبه وزن دينار من خير ، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار من خير ثم من كان في قلبه وزن برة من خير ، إلى أن يخرجوا منها من كان في قلبه وزن ذرة من خير إلى أدنى من مثقال ذرة
إلى أن يقول الشفعاء :
ربنا لم نذر فيها خيراً . ولن يخلد في النار أحد ممن مات على التوحيد ولو عمل أي عمل ، ولكن كل من كان منهم أعظم إيماناً وأخف ذنباً كان أخف عذاباً في النار وأقل مكثاً فيها وأسرع خروجاً منها ، وكل من كان أعظم ذنباً وأضعف إيماناً كان بضد ذلك ، والأحاديث في هذا الباب لا تحصى كثرة وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : [ من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من الدهر يصيبه قبل ذلك ما أصابه ] . أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
وهذا مقام ضلت فيه الأفهام وزلت فيه الأقدام واختلفوا فيه اختلافاً كثيراً : ( فهـدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ( البقرة : 213 ) .
--------------------------------------------------------------------------------
س: هل الحدود كفارات لأهلها ؟
ج : قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحوله عصابة من أصحابه : [ بايعـوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهـو كفارة له ومن أصـاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ] . متفق عليه .
يعني غير الشرك قال عبادة : فبايعناه على ذلك .
--------------------------------------------------------------------------------
س: ما الجمـع بين قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذ الحديث : [ فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ] ، وبين ما تقدم من أن من رجحت سيئاته بحسناته دخل النار ؟
ج : لا منافاة بينهما فإن من يشأ الله أن يعفو عنه يحاسبه الحساب اليسير الذي فسّره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعرض وقال في صفته : [يدنو أحدكم من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه فيقول : عملت كذا وكذا فيقول : نعم ، ويقول : عملت كذا وكذا يقول : نعم فيقرره ثم يقـول : إني سترت عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ] . رواه البخاري.
وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم فهم ممن يناقش الحساب وقد قال صلى الله وعلى آله وسلم : [ من نوقش الحساب عذب ] . رواه البخاري
:: يتبع بإذن الله ::
من كتاب أعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ حكمي وهو كتاب جميل على هيئة 200 سؤال
--------------------------------------------------------------------------------
في المرفقات كتاب الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( الكبائر) أنصح بقراءتـه