سلاح الدعاء في يوم عرفة
سلاح الدعاء في يوم عرفة
يغفل بعض المسلمين عن السلاح المهم الذي يمتلكوه، وينخدعون بما يمتلكون من وسائل مادية أو أسلحة متقدمة، توجد سهلة بين أيديهم، يعتمدون عليها ويقدمونها في عصر العلم والتقدم، ولا ينتبهون أن هذه الأدوات قد لا تنفع أوقات اشتداد الأزمات، أو تعطل الوسائل وتوقف الأسباب، وعدم استجابة الأدوات، ولا يشعر بذلك إلا من جرب الإبحار أو الطيران، فإذا هبت الرياح العاصفة القوية، و تعطلت الأجهزة والوسائل، ولم تفلح في الإنقاذ أو النجاة؛ فلا فائدة حينئذ إلا بالتوجه إلى الله تعالى بإخلاص، ودعاءه بصدق، ويقولُ: يارب، يارب، ويدعو ويكرر، ويلح ويرجو الاستجابة، فالأسباب إذا تخلَّتْ فلن يتخلى عنه الله تعالى، فهو سبحانه يجيب دعوة المضطرين، طلبا لتفريج الكربة، أو انفراج الأزمة، حتى تمر العاصفة بسلام قال تعالى:"
أَمَّن يُجِيبُ الْـمُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ" سورة النمل: 62.
وعندئذ ينتبه الناس لسلاح مهم قوي، يعتبر أقوى من كل سلاح، وهو سلاح عزيز، لا يملكه إلا صنف واحـد من الناس، لا يملكه إلا المؤمنون الموحدون، ولا ينتبه إليه بقية الناس إلا إذا فقدوا الثقة فيما بين أيديهم من أدوات، وقت الشدة ووقوع الأزمات، إنه سلاح رباني، سلاح الأنبياء والأتقياء على مرِّ العصور، ذلكم السلاح هو الدعاء.
فالدعاء فيه الاستعانة والاستغاثة من مخلوق عاجز ضعيف، بالمولى القوي القادر العزيز، وفيه توجه ورجاءٌ إلى مصرِّفِ الكون وخالق الأرض والسماء.
ولهذا كان الأنبياء عليهم السلام يلجؤون إلى هذا السلاح دائما، خاصة إذا ضاقت بهم الأسباب، أو طلبا للنجاة من ظلم الطغاة، واللهُ عَزَّ وَجَلَّ يقولُ
:"ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ" سورة غافر: 60. ويقول سبحانه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" سورة البقرة: 186. ولأن "
دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه.
وفي هذا العام، يأتي يوم عرفة بطعم جديد، وقد تحققت بعض آمال المسلمين في إحداث التغيير المنشود، والسير في خطوات الإصلاح المأمول، فقد استجاب بعض الحكام لطلبات الشعوب، وبعضهم عاند وتكبر، فانتفضت الشعوب المسلمة واستعانت بسلاح الدعاء؛ فجاءت النتائج المبهرة.
وهذا العام نوصي الحجاج و نلح على المعتمرين، ونذكر الصائمين بالإكثار من استخدام سلاح الدعاء فهو الفعال، والتوجه إلى الله تعالى بصدق وإخلاص ـ مع مراعاة شروط وآداب الدعاء ـ لإنقاذ بلاد المسلمين من الحكام الطغاة والظالمين والذين يسفكون دماء المسالمين، وبعد الدعاء لأنفسهم وأهليهم ـ فعليهم الإكثار من الدعاء لبلدانهم، بأن يعم فيها الأمن، ويسود السلام، وينتشر الرخاء ويتحقق الإصلاح، وأن يعصم الله تعالى دماء الأبرياء.
وعليهم أن يغتنموا يوم عرفة في الإكثار من هذه الأدعية مع التكرار والإلحاح، خاصة في يوم عرفة، فعرفة هو يوم الدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ"
رواه الترمذي وحسنه الألباني.