[align=center]أعدها الخبيران صلاح السقا ويوسف خميس
دراسة تنتقد برامج تأهيل المدربين الوطنيين وتؤكد تجاهلها الاحتياج الفعلي للمدرب
بندر الجعيثن يدير حصة تدريبية للمنتخب الأولمبي
الرياض: سعد السبيعي
انتقد الخبيران السعوديان، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود في الرياض خبير علاقات اللاعبين الدكتور صلاح السقا، والدولي السابق المدرب يوسف خميس بشدة البرامج المقدمة لإعداد المدربين الوطنيين بناءً على دراسة قاما بها على واقع المدرب الوطني، واستنتجا من خلال هذه الدراسة التي حصلت عليها "الوطن" عدم وجود فلسفة واضحة لهذه البرامج من حيث تحديد الاستراتيجية العامة والهدف أو القاعدة المتبعة لتسيير هذه البرامج، وتركيز هذه البرامج وبشكل كبير جداً - بحسب رأيهما- على الجوانب التكتيكية والخططية والتكنيكية، وعدم وجود تنسيق وترابط واضح بين البرامج المقدمة من قبل المؤسسات المختلفة على الرغم من اعتماد الاتحاد السعودي لكرة القدم دورة الدراسات الدولية والتضامن الأولمبي كدورات تأهيلية للحصول على رخصة تدريبية خاصة بعد التنظيم الجديد.
ويرى السقا وخميس أن هناك غياباً للهدف المحدد أو التدرج المعلوماتي بين الدراسات التأهيلية وبرامج الاتحاد الآسيوي، واستنتجا غياب تصميم البرامج المحلية على نتائج دراسات ميدانية ذات علاقة بواقع التدريب الميداني في السعودية، كما لا تعتمد هذه البرامج على الحاجة الحقيقية للمدرب السعودي والعمل على سد نقاط الضعف الموجودة، كذلك عدم وجود تقييم ميداني موضوعي مقنن لدراسة أثر هذه البرامج على سلوك المدرب في الميدان، فالطريقة المستخدمة في تقييم هذه البرامج تعتمد فقط على انطباع المتدرب وشعوره نحو البرامج بشكل عام وهذه سلبية يركزان عليها.
والاستنتاج قبل الأخير في هذه الدراسة التي انصبت على دراسة "برامج إعداد المدرب الوطني وقدرتها على تحقيق أهدافها" اتجه نحو مسألة إحضار المدربين المشاهير الذين بحضورهم يزيد حماس المتدربين ويجعلهم يتفاعلون مع المحاضر، بيد أن عدم وضع توصيف دقيق لمفردات المادة وتحديد الهدف جعل الباب مفتوحاً لاجتهاد المحاضر، مما يؤثر على مستوى ودرجة الاستفادة والتباين بين الدورات في نفس المستوى، وهو ما حدداه محوراً أسمياه (تأثير المحاضر على قوة ومستوى الدورة).
وتحدث الاستنتاج الأخير عن تخصص المدرب وتأهيله في مجالات التدريب المختلفة، وهي فكرة يعتبرانها جيدة ويجب دعمها، لكنهما يتساءلان حول مدى قدرة تأهيل مدرب اللياقة البدنية في مدة 21 يوماً، خاصة عند الأخذ في الاعتبار أهمية الجانب اللياقي في الكرة الحديثة والحاجة إلى التأهيل الأكاديمي للقيام بهذه المهمة.
الأهداف العامة لبرامج التدريب
رأى الباحثان في دراستهما أن هدف برامج إعداد مدربي كرة القدم بشكل عام يرمي إلى توسيع قاعدة المدربين السعوديين المؤهلين، وزيادة معارفهم وخبراتهم وصقل مهاراتهم وتحسين أدائهم المهاري بما يتناسب مع متطلبات كرة القدم الحديثة، إضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويشير التقرير المقدم من الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى أن عدد المدربين السعوديين غير المعتمدين من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب يفوق الـ875 مدرباً قابلاً للزيادة والنقص خلال الموسم نتيجة تجديد العقود أو إلغائها، بينما تؤكد البيانات الصادرة عن الإدارة العامة للأندية وشؤون الاتحادات الرياضية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب على وجود 101 مدرب بعقود رسمية مسجلة ومعتمدة.
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام - بحسب رأي الباحثين - افتراضية خاصة المقدمة من الاتحاد السعودي لكرة القدم، إلا أنها تثير تساؤلات متعلقة بالعدد الحقيقي للمدربين السعوديين العاملين في الأندية، حيث يشكل عدد المدربين الوطنيين المرتبطين بعقود مسجلة ومعتمدة رسمياً مع الأندية 10% من نسبة العدد الكلي للمدربين فقط، بينما لا ترتبط النسبة الباقية بعقود رسمية، ويتساءلان عن فرص العمل المتاحة للمدرب السعودي التي تمكنه من اكتساب الخبرات الميدانية، خاصة أن العمل الميداني يسهم في صقل قدرات المدرب، ويعمل على زيادة كفاءته وقدرته ويعزز ثقته بالنفس خاصة في حالة تعرضه لخبرات إيجابية.
الوطني وفرص العمل
يعمل عدد من المدربين الوطنيين في الأندية بعقود داخلية لا تسجل رسمياً لأسباب ذات علاقة باللوائح والأنظمة، حيث يتم إلزام الأندية بالتعاقد مع عدد محدد من المدربين (وهو 2)، تتكفل الرئاسة العامة بدفع 80 % من قيمة عقدهما، أو تعاقد الأندية مع المدربين الوطنيين من غير الحاصلين على شهادات تدريبية (مثلاً لاعب معتزل).
وإضافة لما ذكره الباحثان تتاح فرص عمل للمدربين الوطنيين في الهيئات الحكومية والشركات الأهلية، علماً أن مدربي كرة القدم لا يشكلون نسبة كبيرة من هذه الفئة لطبيعة العمل الذي غالباً ما يتطلب إلمام المدرب بأكثر من لعبة وليس كرة القدم فقط، ويعودان للتساؤل: ما هي نسبة المدربين الوطنيين العاملين في الأندية ممن حصلوا على شهادات تدريبية في كرة القدم؟.
الوطني والكفاءة
يرى الباحثان أن من الأهداف الرئيسة التي تعمل البرامج التدريبية على تحقيقها رفع كفاءة المدرب الوطني وزيادة خبراته ومعارفه النظرية والعملية، ويمكن قياس ذلك عن طريق دراسة أثر البرامج على سلوك المدرب في الميدان، والذي يصعب بموجبه إصدار حكم على كفاءة المدرب الوطني لعدم وجود دراسات، ويستدركان بالإشارة للدلائل -رغم محدوديتها- على كفاءة المدرب الوطني وقدرته على تحقيق الإنجازات المختلفة، فخلال تاريخنا الرياضي ظهر عدد من المدربين الوطنيين المتميزين رغم قلتهم ممن كان لهم دور فاعل ومؤثر في تحقيق الإنجازات والانتصارات لمنتخبات بلادهم أو أنديتهم، وهذه الخبرات الناجحة ما هي إلا دليل على قدرة وكفاءة المدرب الوطني، إضافة إلى إظهاره للاستعداد الجيد الذي يمكن من خلاله التنبؤ بإمكانية نجاحه وتفوقه متى أعد بشكل علمي صحيح.
ويشير الباحثان إلى أنه على الرغم من النجاحات التي تحققت للمدرب الوطني، ما تزال الفكرة السائدة بين الرياضيين عنه أنه "مدرب طوارئ ذو تأثير نفسي مؤقت يمكن الاعتماد عليه وقت الأزمات"، وهذا المفهوم غالباً ما يؤخذ في الاعتبار عند التعاقد مع الوطني، حيث ينظر إليه على أنه أقل تأهيلاً وخبرة وقدرة على الإبداع أو قيادة الفريق مقارنة بالمدرب غير السعودي.
ويكاد يجمع الرياضيون على أن التمييز في التعامل من قبل إدارات الأندية من المشاكل التي تواجه المدرب الوطني وأكثرها تأثيراً على دوافعه وطموحه الشخصي، وبالتالي أثرها السلبي على الاستمرار في مزاولة مهنة التدريب.
وغالباً ما يعاني الوطني من قلة الدعم المعنوي والمادي من قبل الإدارة، وسوء التعامل ومطالبته بأعباء إضافية خارجة عن نطاق المهنة تستنزف جهده وطاقته، ولا تتناسب مع ما يقدم له، فبينما يطالب المدرب الوطني بالعمل على تطوير مستواه ومضاعفة الجهد لإثبات الذات، غالباً ما يكون الثمن التقليل من قدراته وكفاءته، وعدم الالتزام ببنود العقد معه، وهضم حقوقه من قبل إدارات الأندية.
ويؤكد الباحثان أنه في الغالب لا يتم اختيار المدرب السعودي أو تقييمه على أساس علمي موضوعي مقنن، وإنما على أساس العاطفة والمحسوبيات أو الظروف المادية، ووجدا أن تدريب أعداد كبيرة من المدربين الوطنيين وعدم الاستفادة منهم يعد بمثابة هدر اقتصادي للبلد يمكن الإفادة منه في مجالات أخرى.
توصيات الباحثين
أنهى الباحثان المدرب يوسف خميس وزميله الأكاديمي الدكتور صلاح السقا دراستهما بوضع جملة توصيات على النحو التالي:
ـ عدم السماح للمدرب بمزاولة مهنة التدريب داخل الأندية إلا بعد حصوله على دورات تأهيلية.
ـ العمل على توفير الحماية للمدرب الوطني خاصة فيما يتعلق بالأمور المادية والدعم المعنوي.
ـ إخضاع أولوية البرامج التدريبية في المناطق المختلفة للحاجة الفعلية للمتدربين وفرص العمل.
ـ التركيز على الكيف من المدربين الذين يمكن أن يحملوا لواء التطور، وأن يكون ذلك على حساب الكم.
ـ التوازن في عملية تدريب الكوادر التدريبية بين المناطق الإدارية السعودية المختلفة، بحيث لا تكثف في مناطق وتنقص في مناطق أخرى.
ـ العمل على فرض رسوم تدفع من قبل المدربين خاصة عند الالتحاق بالدورات المتقدمة، للمساهمة في تغطية تكاليف البرامج والتأكد من جدية المتدربين الذي بدوره يقلل من نسبة الهدر.
ـ إجراء دراسة بهدف تحديد الاحتياجات الفعلية لفرص العمل المتاحة للمدرب الوطني.
ـ العمل على توجيه المدرب الوطني قدر الإمكان للتدريب في مرحلة الناشئين، وذلك من خلال إعدادهم وتأهيلهم للعمل مع هذه الفئات العمرية لأهميتها وتوفر فرص العمل معها.
ـ العمل على إيجاد رابطة خاصة للمدربين الوطنيين تعنى بشؤونهم ومناقشة سلبياتهم وإيجابياتهم والعمل على تزويدهم بالمعارف وكل ما يستجد في عالم لعبة كرة القدم.
ـ العمل على خلق فرص التنافس بين المدربين الوطنيين من خلال تكريم المدربين المتفوقين وإرسالهم للخارج لحضور استعدادات الفرق الكروية العالمية المتميزة لموسمها.
ـ استحداث لجنة خاصة ببرامج إعداد المدربين تشتمل على مدربين وأكاديميين تهتم بوضع وتقييم البرامج التدريبية وإجراء الدراسات الخاصة للتعرف على أثر برامج التدريب. [/align]