بسم الله الرحمن الرحيم
أصبح الكومبيوتر جزءاً مهماً من الحياة اليومية، فمن خلال شاشته يستطيع الشخص التواصل مع الآخرين، والتعامل معهم في كل شاردة وواردة. وبعدما كانت هذه الآلة عبارة عن جهاز يحسب الأرقام ويعالجها بدقة وبسرعة هائلة، أصبحت اليوم آلة مفكرة تقلد الإنسان، بل استطاع الخبراء أن يحولوها الى آلة تحاكي الطبيب في تشخيصه للداء، وحتى في وصف الدواء. ولكن مهلاً، فعلى رغم المزايا الكثيرة للكومبيوتر، إلا أن الاستخدام الطويل له، لا يخلو من بعض المشاكل التي تترك أثرها على الصحة، وسنحاول في السطور الآتية التعرف على هذه المشاكل والحلول الممكنة لمنع حدوثها، أو على الأقل للحد من تفاقمها:
تعب العين
ان الحملقة في شاشة الكومبيوتر لساعات طويلة تؤدي الى إجهاد العين الذي يظهر على شكل عوارض متعددة مثل: الألم، والحكاك، والجفاف، وضعف النظر الى الأشياء البعيدة، وزيادة الحساسية تجاه الضوء، والحرقة في العين. ان فرط استعمال الكومبيوتر لا يؤدي الى مشاكل في الرؤية فحسب، لكنه قد يسهم في تسريع ظهورها الى العلن، في حال معاناة الشخص منها بدرجة طفيفة. إلا أن فريقاً طبياً يابانياً حذر بشدة من مغبة الجلوس طويلاً أمام شاشة الكومبيوتر مؤكداً أن استخدام الكومبيوتر لمدة تسع ساعات أو أكثر في اليوم، يمهد الطريق للإصابة بمرض خطير هو الغلوكوما، أي ارتفاع ضغط العين، وكما هو معروف فإن هذا الداء يقود الى العمى إذا لم يتم علاجه. وفي هذا الإطار أجرت كلية الطب في جامعة توهو في طوكيو، دراسة على 10 آلاف عامل متوسط أعمارهم 43 عاماً، أظهرت نتائجها أن أكثر من 5 في المئة منهم عانوا من اختلال في مجال الرؤية، وان هذا الاختلال، يبدو على علاقة وثيقة بالاستعمال المفرط لجهاز الكومبيوتر، غير ان الفحوصات الدقيقة للعين، كشفت ان ثلث المشاركين في الدراسة ظهرت عندهم علامات مرض الغلوكوما، خصوصاً بين أولئك الذين شكوا في قصر النظر.
وإذا أخذنا في الاعتبار رأي رابطة أخصائيي العيون الأميركية فإن العمل لساعتين أمام شاشة الكومبيوتر يكفي للتعرض لمشاكل العين، وذلك لأسباب عدة منها، وهج الضوء المنبعث من الشاشة، وتثبيت النظر على الشاشة لمدة طويلة، وقلة رفرفة (ترميش) الجفون، الأمر الذي يقلل من عملية التزييت الطبيعية للعينين.
ما هو الحل؟ النصائح الآتية مفيدة:
- ضبط إنارة الشاشة والمكان الموجودة فيه، بحيث يتم تفادي العتمة الشديدة والإنارة الساطعة.
- ترميش العينين باستمرار للمحافظة على الرطوبة فيهما.
- إعطاء العينين وقتاً للراحة بالنظر بعيداً من الشاشة من وقت الى آخر.
- وضع شاشة الكومبيوتر على مسافة مناسبة من العينين تقدر بين 60 و80 سنتم.
- فحص النظر في شكل دوري لكشف عيوب الرؤية وإصلاح أي علة ناجمة عن إجهاد العين.
آلام المعصم ومفاصل الأصابع
لا شك في أن استعمال فأرة الكومبيوتر سهّل كثيراً منا لقيام بالعمليات وتنفيذها بسرعة، لكن هذه الفأرة قد تكون مصدر إزعاج كبير، فالحركات المختلفة والمتكررة التي نجريها على الفأرة، سواء بالضغط المتكرر، أو بتحريكها من جانب الى آخر، قد تسبب على المدى القصير أو البعيد خللاً في عضلات اليد ورضوضاً في مفاصل الأصابع، فينتج عن ذلك آلام ضاغطة قد تكون في البدء وقتية، لكنها قد تتحول لاحقاً الى آلام مزمنة في حال الإسراف في استعمال الفأرة من دون حساب.
ما الحل؟
- أخذ أقساط متكررة من الراحة.
- استعمال اليدين بالتناوب ان كان ذلك مستطاعاً.
- استخدام الفأرة في شكل معقول من دون إسراف.
- اللجوء الى الوسائل والمعدات المريحة المصممة للتخفيف من الضغط المتكرر على المعصم ومفاصل الأصابع.
آلام الظهر والرقبة
من المسؤول عن هذه الآلام؟ إنه الجلوس السيئ أمام شاشة الكومبيوتر. إن اتخاذ وضعيات غير مريحة، متقوسة أو منحنية أو ملتوية، ولفترات طويلة، تلحق ضربة قوية بالأقراص الفقرية الماصة للصدمات والضغوطات، الأمر الذي يؤدي إلى تحركها من أماكنها الطبيعية، وبالتالي حصول آلام قد لا تطاق أحياناً. وفي الواقع زادت في السنوات الأخيرة حالات آلام الظهر والرقبة، الناتجة عن الجلوس الخاطئ أمام أجهزة الكومبيوتر.
ما هو الحل؟
- وضع الكومبيوتر في مكان يسمح لمستخدمه بالجلوس في شكل مريح، وتغيير وضعياته بسهولة.
- يجب أن تكون الشاشة في مستوى النظر بحيث لا يتم خفض الرأس لرؤية أو قراءة ما عليها.
- يجب أن تكون لوحة المفاتيح قابلة للتمييل ومنفصلة عن الشاشة وسهلة الاستعمال.
- يجب أن يكون كرسي الجلوس مستقراً، يسمح بحرية الحركة، وقابلاً لتعديل ارتفاعه بحسب الرغبة.
- الجلوس أمام الشاشة في وضع مستقيم من دون التواءات أو انحناءات.
- أخذ أقساط متكررة من الراحة لمنع الظروف الضاغطة على الفقرات.
الجلطات الدموية
إن القعود لساعات طويلة أمام الكومبيوتر يشجع على حدوث الركود الدموي في الطرفين السفليين، ما يفتح الباب أمام تكوّن الجلطات الدموية، وهذه الأخيرة خطرة جداً، إذ يمكنها أن تنطلق إلى الرئتين، أو إلى القلب أو إلى الدماغ مسببة أزمات قاتلة.
ما الحل؟
- تحريك الساقين من وقت إلى آخر لتسهيل انسياب الدم.
- الابتعاد عن الكومبيوتر وممارسة بعض الحركات الرياضية المفيدة في تسريع جريان الدم.
البدانة
إن قضاء أوقات طويلة أمام الكومبيوتر يؤدي إلى الإقلال، بل إلى الحد من ممارسة النشاط البدني، وهذا بدوره يقود إلى زيادة عدد المصابين بالبدانة، ولهذه الأخيرة تداعيات صحية خطيرة على صاحبها، من بينها الأمراض القلبية الوعائية، والداء السكري، وارتفاع منسوب شحوم الدم، وارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين وغيرها.
ما الحل؟
- الاعتدال في الجلوس أمام شاشة الكومبيوتر.
- الحركة ثم الحركة، فهي مهمة للسيطرة على الوزن.
قلة الخصوبة
أفادت دراسة أميركية على مجموعة من المتطوعين الشباب بأن استعمال الكومبيوتر المحمول في الأحضان، يمكن أن يسبب ضعفاً في الخصوبة لدى هؤلاء، وعزا القائمون على الدراسة هذا الأثر إلى الحرارة المنبعثة من جهاز الكومبيوتر باتجاه كيس الخصية، الأمر الذي ينعكس سلباً على إنتاج الحيوانات المنوية.
ما الحل؟
- عدم استعمال الكومبيوتر بوضعه في الأحضان.
مشاكل أخرى
أشارت دراسات إلى أن الأشخاص الذين يعملون ساعات طويلة أمام جهاز الحاسوب، معرضون أكثر من سواهم للإصابة بالأرق والقلق والصداع وشد الأكتاف وأوجاع المفاصل.