بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أفحش الفواحش وأحط القاذورات جريمة الزنا ،حرمه الله تعالى فقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ لزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32]، فأخبر تعالى عن فحش الزنا في نفسه، وهو ما انتهى قبحه، وأخبر عن سبيله، وهو سبيل بلاء وفقر وعار وضعف للإيمان وقلة للحياءو التقوى والخوف من الله.قال الله تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين
ويقول في الجزاء والعقوبة عن عذاب الزاني والزانية، وأن عذابهما أليم،بعد ذكر الشرك بالله والقتل والزنا، قال تعالى: وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً[الفرقان:68-71].
أخبر الله تعالى عن عذاب الزاني ما لم يرفع العبد ذلك بالتوبة النصوح والأعمال الصالحة والندم والعزم على عدم العودة إليه، فما أقبح جريمة الزنا ،إن الزاني يبدد الأموال ويهتك الأعراض ،عاره يهدم البيوت المطمئنة ،ويطأطئ الرؤوس ،يسوَّد الوجوه ،ويخرس الألسنة ،ويُهبط بالرجل العزيز إلى هاوية من الذل والحقارة والازدراء ،ينزع ثوب الجاه والحياء مهما اتسع ،ويخفض عالي الذكر مهما ارتفع ،جريمة الزنا لطخة سوداء وفعل قبيح لا يقتصر تلويثه على فاعله ،بل إنه يشوه كلا الشخصين و أفراد المجتمع إذ انتشر،إنه العار الذي يطول،يتناقله الناس زمناً بعد زمن ،بانتشاره تغلق أبواب الحلال ،ويكثر اللقطاء ،وتنشأ طبقات في المجتمع بلا هوية إنه الزنا ،يجمع خصال الشر ،من الغدر والكذب والخيانة ،إنه ينزع الحياء ويذهب الورع ،ويزيل المروءة ،ويطمس نور القلب،ويجلب غضب الرب ،إنه إذا انتشر ،أفسد نظام الدنيا ،في حفظ الأنساب وحماية الأوضاع ،وصيانة الحرمات.والحفاظ على روابط الأسر وتماسك المجتمع.،والزنا إثم وجرم عظيم جداً لا يكبره إلا القتل والشرك برب العالمين ،قال الله تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)).
ومعناه لايفعل الزنا وهو كامل الإيمان بل هو واقع في الفسق والمعصية الكبيرة إذا لم يستحل هذا الفعل أما إن استحل الزنا فقد وقع فيما هو أشد من الزنا وهو الكفر لأن اعتفاد حل الزنا ضد القرءان ومن عاند القرءان فحكمه الكفر،فما أبشع التسرع في الكلام في مثل هذا بألفاظ فيها أستحلال الزنا ةاستحسانه، فمن أبتلى بهذه الجريمة فليتب إلى الله وإياه أن يقول عن فعل الزنا أو مقدماته أنه حلال!! فأن من المعلوم بين الناس جميعهم حرمة ذلك، فويل للمستحل لذلك وويل لمن يفعل الزنا غير أن الفعل مع إعتقاد التحريم ذنب كبير وفسق واعتقاد الحل كفر وتكذيب لكلام الله تعالى.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك ،قلت: إن ذلك لعظيم. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك)). فليس بعد الكفر بالله و بعد قتل النفس أعظم من الزنا في الذنب عند الله،فيا أيها المسلمون إتقوا الله في السر والعلن واذكروا أنكم ميتون وعلى ربكم ستعرضون ولا يغرنكم حال من حولكم من الناس من ألفوا هذا الذنب العظيم وهونوه على أنفسهم بألفاظ خفيفة كالصداقة والمعاشرة والصحبة والتعارف وغير ذلك.
فالزنا تنفر منه الطباع السليمة وهذا شىء ببديهة العقل معروف هل يرضى الزاني هذا الفعل لأمه وأخته وابنته؟؟ لا، لأن الطباع السليمة ،حتى البهائم، تنفر من ذلك !! حرام قطعاً بلا شك والله تعالى أحل الحلال لتؤتى البيوت من أبوابها فلم يمنع الله العبد من التلذذ بما جعل فيه من شهوة لكن تحت حدود الشرع والعفة والطهارة لاتحت فانون البغاء واختلاط النطف في الأرحام والفجور والرذيلة، إتقوا الله في أنفسكم وأولادكم وإلا فالحرام إثم وذل في الدنيا وعذاب وندم بعد الموت إن لم يتب العبد منه وقد قال بعضهم:
تفنـى اللـذاذة ممن نـال صفوتها [] مـن الحـرام ويبقى الخـزي والعـار
تبقى عواقب سـوء مـن مغبتـها [] لا خيـر في لـذة مـن بعـدها النـار