الزواج سكن ومودة لطرفي العلاقة الزوجية ومن شأن السكن والمودة أن يتصفا بالديمومة والثبات والاستقرار، مع
فقدان الوعي، وارتفاع نسبة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية يبقي ذلك السكن أملاً منشوداً إذ من شأن تلك
الضغوط أن تزعزع استقرار الأسرة، وتقتحم عليها ذلك الهدوء.
وحينما نتكلم عن المشاكل الزوجية فلا نقصد بعض الاختلافات في وجهات النظر، أو اليوميات العادية أو حالات عارضة
نتيجة ظرف مؤقت أو طاريء، ولكننا نتكلم عن تلك التي تنشأ عن أسباب حقيقية وجوهرية، حتي ولو لم يتم الافصاح
عنها، ومع كونها أصل المشاكل والتي يمكن أن نرجعها إلي أسباب رئيسية أهمها تتمثل في سوء الاختيار علماً أن
أول ما أكد عليه الإسلام هو حسن اختيار شريك الحياة ورفيق العمر، واعتبر حسن الاختيار من عوامل تحقيق الحياة
الزوجية، ومن تباشير الوفاق والمودة بين الزوجين، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع: لمالها،
ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك وما ذلك إلا لأن الاختيار خطير، إذ كثيراً ما تطيش بمن يقدم
علي الزواج الرغبات وتستبد بهم الشهوات فتجرفهم في تيارها بسبب جمال فاتن، أو كثرة مال، أو كبر مكانة لا يكون
وراءها حصانة من دين أو خلق، فتكون الحياة الزوجية شراً مستطيراً تنفذ جمراته في جوانح الزوجين ثم ينتقل أثره إلي
الذرية أن كتب لهم ذرية، فتتصدع أواصر الزوجية وتتقطع روابط الأسرة، وتغرس العداوة، ثم يحصل أبغض الحلال، لأن
الأساس الذي قام عليه الزواج كان خطأ.
إذاً فالاختيار الصحيح الذي سياجه الدين والخلق والأصل الكريم، عاصم من قواصم المشاكل الزوجية، لأن الدين وقواعده
الربانية هو القاعدة السليمة لحل أي خلاف بعد نشوئه، واجتنابه قبل وقوعه، ولا أمان لمن لا إيمان له، ولا دين لمن لا
يحم ديناً، ويمكن أن نقول: إن ضعف الوازع الديني في شريك الحياة هو أس البلاء وأساس المشاكل.