كلك عورات !!
بسم الله الرحمن الرحيم
وكُلنا يُحب أن يُغضّ الطرف عن عثراته وهفواته
لأنه ما مِـنّـا إلا وله من العثرات ما لا يعلمه إلا الله ،
وله من الهفوات ما لو نُشر لافتضح أمره
وإذا كُنا كذلك فلنعامل الناس كما نُحب أن نُعامل
-
قال عليه الصلاة والسلام :
من أحب أن يزحزح عن النار ويُدخل الجنة
فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ،
وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه . رواه مسلم .
إن العُذر مطلوب للآخرين كما هو مُلتمسٌ للنفس
فما إن يقع أحدنا في خطأ إلا ويبحث عن الأعذار
ليعتذر عن خطأ وقع فيه أو ارتكبه !
فما بالنا لا نلتمس ذلك لإخواننا ؟
وما بالنا لا نطلب لعلمائنا ما نطلبه لأنفسنا ؟
فما إن تبدو لنا زلة مِن عالِم أو هفوة من داعية
إلا ونُبادر على نشرها وتطييرها في الآفاق
وربما كانت مكذوبة عليه فنكون ممن يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق !
أو ربما كان له عُذراً مقبولاً عند الله وعند الناس
أو ربما كان الخطأ في أعيننا على حد قول القائل :
نعيب زماننا والعيب فينا !
وربما لو وقفنا موقف ذلك العالم لقلنا بما قال بالحرف الواحد
دون زيادة ولا نُقصان
لأن تقدير المصالح والمفاسد مرتبط بنظرة الشخص وبزمانه ومكانه .
وربما رأينا - بعد مدة – أن رأيه هو الصواب ، وأننا كُنا على خطأ !
وربما رجع عن رأيه في مسألة ما فكيف لنا الرجوع ؟!
إن العُذر والإعذار محبوب إلى الله وإلى الخلق
ولذا قال عليه الصلاة والسلام :
ولا أحد أحب إليه العذر من الله ،
ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين .
رواه البخاري.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً :
وليس أحد أحب إليه العذر من الله ،
من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل .
رواه مسلم .
---
ما أكثر ما نشتغل بعيوب الناس ، ناسين أو متناسين أموراً مهمة :
الأولى :
أنهم بشر مثلنا ، وأنهم يقعون في الخطأ ويقع منهم الخطأ .
الثاني :
أننا مُـلئنا عيوباً لو اشتغلنا بها وبإصلاحها لأشغلتنا عن عيوب الناس .
الثالث :
أن من تتبّع عورات الناس تتبّع الله عورته ، فالجزاء من جنس العمل .
الرابع :
أننا أغرنا على الإنصاف فقتلناه غيلة !
فنظرنا في سيئات أقوام وأكبرناها وأعظمناها ، وكتمنا حسناتهم .
--
وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ،
وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يبصر أحدكم القـذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه .
قال أبو عبيد : الجـذل الخشبـة العالية الكبيرة .
رواه البخاري
--
والجزاء من جنس العمل ..
وشاهد هذا حديث أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يدخل الإيمان في قلبه ،
لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوارتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته .
اخرجه الإمام أحمد وأبو داود ،
---
واعلم أن الناس على ضربين :
أحدهما :
من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي ،
فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها
ولا التحدث بها ؛
لأن ذلك وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) .
والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ،
.
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف :
اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب .
ومثل هذا لو جاء تائبا نادما وأقر بحده لم يفسره ولم يستفسر بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ،
كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماعزا والغامدية ،
وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حدا فأقمه عليّ ،
وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم .
خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة .
-
والثاني :
من كان مشتهرا بالمعاصي معلنا بها ولا يبالي بما ارتكب منها
ولا بما قيل لـه ؛ هذا هو الفاجر المعلن ،
ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود ،