بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم أن الحسد أعمّ من العين، والبواعث على الحسد سبعة كما ذكرها الإمام الغزالي رحمه الله � العداوة والكبر والتعجب، والخوف من فوت المقاصد المحبوبة (حيث يتزاحم المرء وأخوه على مقصود واحد)، وحب الرياسة، وخبث النفس وبخلها، وهي أشد خطراً حيث أن العائن قد يكون أصاب صاحبه من باب الإعجاب فقط ليس إلا، أما الحاسد فهو كاره للنعمة على أخيه ويتمنى زوالها عنه وغالباً ما يجتمع الحسد مع العين وليس العكس.
﴿والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول :" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "، والمؤمن الحق لا يحسد أحداً على نعمة بل يغبطه قال -صلى الله عليه وسلم- "إن المؤمن يغبط والمنافق يحسد" رواه ابن أبي الدنيا، والغبطة أن يتمنى لنفسه ما كان لأخيه من النّعم، وقد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رجل من الأنصار أمام أصحابه فقال: "يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة" فتتبع أحد الصحابة وهو عبدالله بن عمرو بن العاص أخباره، فلم يجد عنده كثير صلاة ولا صيام ثم قال الرجل لعبد الله: "ما هو إلا ما رأيت إلا أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشاً ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه"﴾.
وأول خطيئة كانت الحسد، حسد إبليس آدم -صلى الله عليه وسلم- على رتبته ، فكان الكبر والحسد الباعث له على عدم السجود لآدم، وذكر الله تعالى حسد إخوة يوسف -صلى الله عليه وسلم- وعبّر عما في قلوبهم بقوله تعالى﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾. يوسف 152 � وأثنى الله تعالى على الذين لا يحسدون فقال :﴿ولا يجِدون في صُدورِهِمْ حاجةً ممّا أوتوا﴾ 153 الحشر، وقال تعالى في مَعْرِضِ الإنكار ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ النساء 54