صلى الله عليه وسلم يطوف حول الكعبة, وكان يسير أمامه أعرابى بسيط الحال, وكان يردد باستمرار قائلا "يا كريم", فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعجب
بترديده, فأخذ يردد وراءه, فكان كلما كان الأعرابى يقول "يا كريم" كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول خلفه "يا كريم"....
واستمر على هذا الحال حتى انتبه اليه الأعرابى فظن أنه يسخر منه فالتفت اليه وهو لا يعرفه وقال له:
أتهزأ بى يا هذا, والله لولا حلاوة وجهك لشكوتك الى حبيبى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتبسم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: أما تعرف نبيك يا أخا العرب؟
فقال الأعرابى: لا, ولكنى آمنت به بظهر الغيب ولم أره.
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:
فاعلم يا أخى أنى نبيك فى الدنيا وشفيعك فى الآخرة.
فانكب الرجل على جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله وهو لا يصدق أنه يقف أمام نبيه وجها لوجه.
فنزل جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له:
يارسول الله, ان السلام يقرءك السلام ويقول لك: بلغ عبدنا ألا يغرنه حلمنا ولا كرمنا, وأنا سنحاسبه على القليل والكثير...
فأخبر الرسول الأعرابى ما أوحى به.
فسأل الأعرابى متعجباً:
أيحاسبنى ربى يا رسول الله وقد آمنت به؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم
فقال الأعرابى: والله لئن حاسبنى ربى لأحاسبنه !!!
فتعجب الرسول بشدة من جرأة الأعرابى وتطاوله , فسأله مستنكرا: أتريد أن تحاسب ربك أيها الرجل؟؟؟؟
فقال الأعرابى: نعم, ان حاسبنى ربى على تقصيرى حاسبته على عفوه, وان حاسبنى على ذنبى حاسبته على مغفرته, وان حاسبنى على بخلى حاسبته على كرمه.
فبكى رسول الله بكاءً شديدا حتى ابتلت لحيته واهتز جسده من شدة البكاء...
فنزل عليه جبريل عليه السلام يقول له:
يا رسول الله, ان السلام يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد خفف من بكاءك, فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم, ويقول لك:
بلغ عبدنا ألا يحاسبنا ولن نحاسبه, هو رفيقك فى الجنة...