٭٭ طبيعي أن يشكل خروج منتخبنا من الادوار التمهيدية للمونديال غضبا للشارع الرياضي، وإن لم يصل لحد الصدمة وذلك عطفا على المعطيات التي سبقت دخول المونديال والتي كانت تنذر بوضع كهذا او أسوأ.
٭٭ الغضب لم تفرزه النتائج السلبية، فالمتعاطي بواقعية مع المنتخب يرى ان التعادل مع تونس والخسارة من اوكرانيا وإسبانيا أمر طبيعي بكل المقاييس غير ان ما ليس بطبيعي هو عدم ظهورنا بالمستوى الذي يليق بالحضور في بطولة بحجم كأس العالم .
٭٭ دخل منتخبنا للمونديال وغادره دون ان يسجل أي بصمة، حتى لا يكاد أحد سيتذكره بعد المونديال وتلك حقيقة، على المستوى الجماعي او الفردي، ولعل السبب في ذلك يعود لظهور البون الفني الشاسع بينه وبين كل المنتخبات المشاركة، فحتى انغولا وتوغو، بل وترينداد وتوباغو كان لهم دور ملموس فاق منتخبنا بكثير .
٭٭ من تابع المونديال بدقة يستطيع ان يجزم ان المشكلة الحقيقة للمنتخب السعودي تكمن في القفزة العملاقة في مستوى المنتخبات الاخرى سواء على مستوى الفكر الجماعي للمنتخبات او على مستوى الامكانات الفردية للاعب، وبعبارة بسيطة استطيع القول ان كل المنتخبات في المونديال تتعاطى مع الكرة باحترافية بينما لازلنا نحن في عصر الهواية وان ادعينا أننا نطبق الاحتراف ؛ لكنه احتراف مقنع، او لنقل دون مواربة أنه ضحك على الذقون .
٭٭ وحينما نتحدث عن غياب الاحترافية فحدث ولا حرج، فهي تبدأ من إداريين (كله تمام ) ولا تنتهي عند لاعب ( مستذكي) يسعى للهروب من مأزق اخفاقاته الشخصية برمي التهمة على الآخرين، كما هو حارسنا مبروك زايد الذي بدلا من ان يعتذر للملايين الذين خنقتهم الآهات مع كل غلطة وغفلة ورعونة منه في مباراة أوكرانيا راح يتهم الإعلام الذي صنع نجوميته وتجاوز عن اخفاقاته، بل ويستعدي المسؤولين ضده في إسلوب يؤكد مدى تجذر ثقافة الحواري في عقليات لاعبينا .
٭٭ لقد كشفت التجربة المونديالية الأخيرة لمنتخبنا ان الشق - حقيقة - صار اكبر من الرقعة، واكد بما لا يدع مجالا للشك ان احترافنا المحلي لن يضيف الا مزيدا من الاخفاقات، وعليه فلا مناص عن ارسال لاعبينا إلى اوروبا حيث كرة القدم الحقيقية، وإلا فلنقبل بواقعنا الحالي الذي يكشف اننا لم نعد حتى في مقدمة الركب آسيويا بدليل اننا لم نحقق اللقب في بطولتين متتاليتين على مدار ثمانية أعوام، وإن واقعنا الراهن لا يتجاوز محيطنا الخليجي ولنتذكر ايضا اننا خرجنا ايضا في اخر بطولة خليجية من دورها التمهيدي فيما ذهب اللقب لقطر !!.
٭٭ شخصيا، لا اريد ان أكون من البكائين والنواحين ولاطمي الخدود، لكن في الوقت ذاته لا اريد ان أكذب ولا حتى أتجمل، ولهذا سأكشف عن حقيقة تؤكد حجم مآساتنا الكروية وهي أننا المنتخب الوحيد في المونديال الذي لا يملك أي لاعب محترف في اوروبا، في الوقت الذي يتواجد فيه عدد كبير من لاعبي (تونس وإيران وانغولا وتوغو وترينداد وتوباغو) في اكبر الدوريات الاوربية كالانجليزي والايطالي والهولندي والفرنسي والالماني بل حتى عمان وقطر ارسلت لاعبيها لاوروبا فيما لا يزال لاعبونا رابضين في انديتهم، فما الفارق بيننا وبين هذه المنتخبات؟!
٭٭ ورب سائل يسأل الآن، وما ذنب لاعبينا اذا كانت الاندية الاوربية لا تبحث عنهم، أقول وانا واثق كل الثقة ان قضيتنا في هذا السياق يتحملها اولا اتحاد الكرة ومن ثم الاندية وبعد ذلك اللاعبون، فنحن نعاني أولا من مشكلة تسويق لاعبينا والتي يجب ان يضطلع بمسؤوليتها اتحاد الكرة والاندية على السواء، ونعاني من مشكلة تعريف حقيقي بلاعبينا، وذلك بسبب قلة الاحتكاك مع الأخر الاوروبي، وبين هذه وتلك فإنني على يقين ان بعض أنديتنا لا زالت تعرقل احتراف اللاعبين خارجيا اما باخفاء العروض او بالمبالغة في قيمة مقدمات العقود، أما مسؤولية اللاعبين فانها تتمحور في غياب الثقافة الكروية تماما .
٭٭ إنني في هذا السياق استحضر خطوات سامي الجابر خلال مشواره الحافل، فهو مصداق حقيقي للاعب السعودي المحترف على الرغم من القصور في تجربته الاحترافية فهو اول من علق الجرس حينما قبل بالاحتراف في نادي ولفز هامبتون قبل سنوات على الرغم من انه احد اندية الدرجة الثانية في انجلترا، حدث ذلك في الوقت الذي حاول مقربون له عرقلة التجربة، من باب «ومن الحب ما قتل»، وآخرون رأوا فيها انها منقصة في حق نجم بحجم سامي، وبعض آخر لا زال حتى اليوم يسعى للتقليل من اهميتها، في حين اننا نتمنى اليوم لو ان «ولفز هامبتون» يتعطف علينا ويخطف لاعبا او أكثر من أنديتنا .
٭٭ إن استمرارية سامي الجابر حتى اليوم وهو بهذا العطاء المتدفق والحضور الوهاج والعقلية الثقافية التي كشفها تصريحه الاحترافي بعد مباراة اوكرانيا يؤكد اننا بحاجة إلى أكثر من سامي في المنتخب ولن يكون ذلك الا بالاحتراف الخارجي ولا سبيل غير الاحتراف الخارجي، وإلا فلنقنع بواقعنا المر .