الرياضة دواء..للحالة النفسيه!!

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-color:white;border:9px inset black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

«حرب بلا نار» هكذا وصف الكاتب الأمريكي جورج أورويل الرياضة.. فوقع الهزيمة والانتصار النفسي في الرياضة على الشعوب مثلهما في الحرب.. ثمة أن هناك حروباً شبه كاملة تقع في الشوارع بين المشجعين قبيل وبعيد مباريات كرة القدم.. وقد نشبت حرب طاحنة بين دولتي هندوراس والسلفادور في عام 1975م بسبب مباراة كرة قدم. فالرياضة حرب بوسائل أخرى.. والإسقاط النفسي للانتصار أو الهزيمة على العامة في الرياضة مهول ويقارب الهزيمة أو انتصار الفعليان في معركة ميدان عسكري. ودارت حرب نفسية رياضية حقيقة إبان الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بقيادة أمريكا والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي حول الميداليات في الألعاب الأولمبية، حيث ربط عدد الميداليات الأولمبية بمدى التقدم الاقتصادي المعاشي. واهتمت روسيا الفاشية وألمانيا النازية بالتفوق الرياضي بشكل خاص كبرهان على التفوق العرقي.
وعندما هزمت ألمانيا السعودية بثمانية أهداف بلا رد في عام 2002م كتبت مقالاً به بعض التندر على منتخبنا لم يكن الهدف منه التشفي، بل كان امتصاص التأثير النفسي المبالغ فيه للهزيمة بالضحك عليها بدلاً من البكاء منها. إثر ذلك اتصل بي مسؤول رياضي كبير وطلب مقابلتي ليفيدني بأن هذه الهزيمة لم تسر بعض المسؤولين فتم تشكيل لجنة لتعديل الأوضاع بقرارات فورية ستبدأ بإقرار الاحتراف وتنتهي بخصخصة الأندية. فغياب الاحتراف آنذاك نظر له على أنه سبب لهبوط مستوى اللاعب السعودي وهزيمة المنتخب بنتيجة كبيرة كهذه.. تكرر السيناريو مع روسيا بهزيمة منتخبنا من روسيا بخمسة أهداف، وكانت ردة فعلنا مشابهة، ولكننا في هذه المرة لمنا الاحتراف بشكل غير مباشر وتلا ذلك قرارات فورية مثل تحديد سقف رواتب اللاعبين، وفرض رسوم على عقودهم وغير ذلك. ولاشك أن من اتخذ هذه القرارات وغيرها ملم بالوضع الرياضي أكثر من كاتب المقال.
ربما يكون من حظ منتخبنا العاثر أنه لعب مباراة الافتتاح تحت ضغط كبير وأمام أنظار العالم أجمع. وربما كانت أعين بعض لاعبينا على عقود الاحتراف الخارجي الذي تفوق قيمتها عقودنا المحلية بعشرات الأضعاف أو على الأقل عينهم على مكافأة الفوز فيما لو فازوا لاسيما وأن هيئة الرياضة قد دسمت شواربهم بمكافأة ضخمة بعد التأهل فقط لكأس العالم ودللتهم أيما دلال. تحول الحماس والحرص لشد عصبي وارتباك تسببا في ولوج خمسة أهداف في مرماهم.
وواقع حال كرة القدم وتاريخها يشهدان بأن الفرق تتعرض لإنهيار نفسي بعد ولوج هدفين أو ثلاثة في مرماها وبمجرد أن تدرك استحالة التعويض. والحقيقة أن الهزيمة بهدف أو خمسة لا تختلف كثيرًا إلا في الجانب النفسي، فخسارة النقاط واحدة.
هزيمة منتخبنا بخمسة أحدثت ردة فعل متسرعة وتصريحات قوية جدًا من بعض المسؤولين خارج الملعب الذين ربطوا أنفسهم بواقع الهزيمة بشكل غير مباشر. وتلا ذلك قرارات قوية قد تكون سليمة ولكنها ربما كانت متسرعة. فعلى سبيل المثال، لا يمكن نظامًا فرض رسومًا على عقود لاعبين سارية المفعول، وإنما يمكن فعل ذلك في حالة العقود الجديدة المستقبلية، فالعقد شريعة المتعاقدين ولا يوجد ما ينص على فرض مثل هذه الرسوم عند الهزيمة. لكننا نعذر المسؤولين لوقوعهم تحت وطأة الصدمة من النتيجة المؤلمة المخيبة للأمل، ولم تشفع لمنتخبنا نتائجه الممتازة التي حققها فيما بعد ضد الأوروجواي ومصر، فالفأس قد فلجت الرأس.
وسبق وكتبت مقالاً عن الرياضة والتعليم كان محوره فكرتين: الأولى: أن الرياضة (وليست كرة القدم فقط) جزء من المجتمع تعكس واقعه وواقع تطوره بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. والثانية: أن التعليم، بما في ذلك التعليم الرياضي، هو مفتاح تقدم المجتمع والرياضة. والأخذ بناصية العلم ودعمه بالشكل المطلوب سيجعلنا نتقدم بشكل لا تذبذب فيه ولا تراجع معه.

أخيرًا فالتسرع في القرارات قد تكون له انعكاسات مستقبلية غير تلك التي كنا نرجوها منها، والمسألة في نهاية الأمر كورة، وعلينا أن نتحلى بالأخلاق الرياضية التي يبرزها تقبل الهزيمة أكثر من الفرح والمباهاة بالانتصار.. خرجت إيطاليا من التصفيات، وألمانيا من المجموعات وبقيت المكسيك والبرازيل، فهل انتقص ذلك من قيمة إيطاليا أو ألمانيا بالطبع لا..؟!.. فعلينا العمل على تطوير الرياضة ككل وليست كرة القدم فقط، وعلينا أن نضع نصب أعيننا تحسين الوضع الرياضي والصحي للمواطن السعودي بتهيئة المرافق الرياضة وزيادة التوعية الغذائية والصحية ولنعرف أن الإسقاط النفسي لكرة القدم أكبر بكثير من قيمته الحقيقية.
******************
الخميـــــــس5يوليوحزيران2018مــــــ،
[/ALIGN]

[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]