من مقال : قلبك المهشم ...كيف تهشم ؟ للأستاذ علي بن جابر الفيفي .
شُرع لنا أن نقول بين السجدتين : " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واجبرني .. "
( واجبرني ) وكأننا نتكسّر في اليوم كثيراً فنحتاح أن يجبرنا الله كثيرا ..
قبل حوالي ثمانية عشر سنة ماتت ابنة أختي الوحيدة بين يديها ، صرخت صرخة
اختناق سمعتها من الغرفة المجاورة ، كانت الصرخة الأخيرة ! ، فدخلتُ على أمّها قبيل
الفجر وفي قلبها من الحزن والانكسار ما نمّت عيناها وتنهداتها به ..
فدلَلْتها على الدعاء الوارد " اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها" فقالت ذلك
الدعاء وصوتها يتهدّج من وقع المصيبة ..
فارتفعت كلماتها المنكسرة إلى من يجبر كسر
عباده فعوّضها عن ابنتها اليوم ببنين وبنات رزقها الله برّهم وأفضل عليها وعلينا من عطاءاته ..
إذا التهبت نفسك .. إذا احترقت أحلامك .. إذا تصدّع بنيان روحك فقل : يا الله ..
في العام الفائت التقيت طالباً لديه عُقدة في لسانه ، لا يكاد ينطق بكلمة دون أن يعيدها عدّة
مرات ! أمسكته ونصحته أن لا يسجد سجدة لله إلا ويدعو : واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ..
التقيته هذه السنة فإذا به كأفصح ما يكون .. سألته _ وقد نسيت نصيحتي _ عن السبب ..
فقال : دعاء : واحلل عقدة من لساني !
لقد حلّ الجبار تلك العقدة ..
إنّه الجبّار .. ما من أسى إلا وهو رافعه ، وما من مرض إلا وهو شافيه ، وما من بلاء إلا وهو كاشفه ..
تتزاحم الآلام في قلب العبد حتى ما يظن أنّ لها كاشفة ، فإذا بالجبّار يجبر ذلك القلب ..
وبعد أشهر ينسى العبد كل آلامه وأوجاعه لأن الله لم يذهبها فحسب ..بل جبر المكان الذي
حطّمته .. فعاد كأن لم يتهشّم بالأمس ..
يجبر القلوب والعظام والنفوس ويداوي الجراح يكفكف الدموع سبحانه ..
إذا رضّتك الهموم ، وغشيتك الكروب.. فلا تطل البكاء .. سجّادة توجّهها إلى القبلة .. تقضي
على تلك الهموم والكروب في لحظات .