مشكاة السيرة النبوية
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودِين الحق ، ليُظهره على الدين كله
والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشِّراً ونذيرا ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . أما بعد :
فإن أزكى البشرية ، وخير البرية ، هو رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ..
وقد مَدَحه ربّه وزكّاه :
فَزَكَّى خُلُقَه ، فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) .
وزَكَّى قلبه ، فقال : (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) .
وزَكَّى بَصَرَه ، فقال : (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) .
وزَكَّى قوله ، فقال : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) .
وزكّاه جُملة ، فقال : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)
وقَرَن الله اسم رسوله باسْمِه تبارك وتعالى ، فلا يُذكر اسم الله إلا ويُذْكَر معه اسم نبيِّه صلى الله عليه وسلم ..
فإذا نادى المنادي قَرَن اسم رسول الله مع اسم الله ..
وإذا تشهّد الْمُصلِّي قَرَن الشهادة لله بالتوحيد بالشهادة لرسوله بالرسالة ..
مِصداق ذلك في كتاب الله
(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) ..
[glint]يكفيك عن كل مَدحٍ مَدحُ خالِقِه
واقرأ بِرَبِّك مبدأ سورة القلم
شَهْم تُشِيد به الدنيا بِرُمَّتِها
على المنائر من عُرْبٍ ومن عَجَمِ [/glint]
وفي زمن غابتْ فيه الأسوة ، وزُوِّرَتْ فيه القُدْوة ، واتّخذ الناس قُدوات من حُثالات البشر من مُغنين ولاعِبين وممثلين .. وغيرهم .. وتربّت الأجيال على هذا .. حتى يُسأل الطالب عن نبيِّه صلى الله عليه وسلم فيظلّ واجِماً حائراً ، ولو سُئل عن لاعب أو مُغنٍّ أو ممثل لما تَوانَى عن حكاية تفاصيل حياته ، بل ونوع لباسِه ، وهيأته ومِشيته ! إلى غير ذلك ..
من أجل ذلك عزمنا في إدارة شبكة مشكاة الإسلامية على افتتاح قسم يتم من خلاله التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ونشر سيرته العطرة ، وإحياء القدوة الحقّة ، والذبّ عن سُنّته صلى الله عليه وسلم .
ونحن إذ نعزم على افتتاح هذا القسم نسأل الله أن يستعملنا في طاعته وفي نُصرة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ..
وقد وَعد الله ووعده حق ، وقال وقوله الصِّدْق ، أنه ناصِرٌ أنبياءه ورُسُلَه وأولياءه .
قال تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) وهذه النُّصْرَة الربانية ليست مرتبطة بحياة الأنبياء والرُّسُل ، بل هي مُستمرة على مرّ الزمان ، ويوم يقوم الأشهاد ، ولذلك جاء التعبير بالمضارع (لَنَنْصُرُ) .
ومن نُصْرَتِه سبحانه وتعالى لِرُسُلِه أنه ما نال منهم أحد إلا رَجَعتْ سِهامه في نَحره ، ورَدّ الله كيده عليه ، فكان هو المغبون الخاسر ، وكانت الرِّفعة والنُّصْرَة لأنبياء الله ورُسلُه .
فأبو لهب لا يُذكر إلا على سبيل الذمّ !
ومُسيلِمة لا يُذكر إلا ويُقرَن معه وصف الكذب ( الكذّاب ) !
وهكذا على مرّ العصور ، وتعاقب الدهور ما تَجَرّأ مأفون حاقد على أنبياء الله ورُسُلِه إلا حاق به سيء مكره ، وكَتَب الله النصر والعزّة والغلَبَة لِرُسُلِه وأوليائه .
نسأل الله أن ينفع بهذا القسم .. وأن يكون منارة هُدى يُستضاء بها في دياجير الفتن المدْلَهمّة ..