كنت جالسا في الحرم في شدة الحر, قبل صلاة الظهر بساعة, فقام رجل شيخ كبير, واخذ يباشر على الناس بالماء البارد, فيأخذ بيده اليمنى كوباً, ويسقيهم من ماء زمزم, فكلما شرب شارب, عاد فأسقى جاره, حتى أسقى فئاما من الناس, وعرقه يتصبب, والناس جلوس كل ينتظر دوره ليشرب من يد هذا الشيخ الكبير, فعجبت من جلده ومن صبره ومن حبه للخير, ومن أعطائه هذا الماء للناس وهو يبتسم, وعلمت أن الخير يسير على من يسره الله عليه, وان دفع الجميل سهل على من سهله الله عليه, وان لله ادخارات من الإحسان, يمنحها من يشاء من عباده, وان الله يجري الفضائل ولو كانت قليله على يد أناس خيرين, ويحبون الخير لعباد الله, ويكرهون الشر لهم.
أبو بكر يعرض نفسه للخطر في الهجرة , حماية للرسول صلى الله عليه وسلم.
وحاتم ينام جائعاً, ليشبع ضيوفه.
وأبو عبيدة يسهر على راحة جيش المسلمين.
وعمر يطوف المدينة والناس نيام, ويتلوى من الجوع عام الرمادة ليطعم الناس.
وأبو طلحة يتلقى السهام في أحد, ليقي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وابن المبارك يباشر على الناس بالطعام وهو صائم.
{{ ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا}}
مثل كالنجوم بل هي أعلى ومعان كالفجر في إشراقه