[align=center]
* ما حكم الوالد الظالم لأولاده وزوجته؟ وما واجب الأبناء نحو هذا الأب؟ وهل يجوز الدعاء عليه بالموت مثلاً؟!)
** اعلم أن ظلم الوالد أو حتى كفره لا يُبيح لنا أن نعقَّه أو نسيء معاملته، فأنت مأمورٌ وغيركُ بالإحسان والبر للوالد ولو كان كافرًا، فأنت أيضًا مأمورٌ بمصاحبته بالمعروف والبرّ والصلة له.. قال الله تعالى: ?وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ? (لقمان: 14-15)، وقال تعالى: ?وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا? (الإسراء: 23-24).
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: وقوله ?إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ?، أي لا تُسمعهما قولاً سيئًا ولا حتى التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا تنهرهما: أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله: ولا تنهرهما أي لا تنفض يدك عليهما، ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح أمره بالقول والفعل الحسن، فقال: وقُل لهما قولاً كريمًا أي ليِّنًا طيِّبًا حسنًا بتأدُّبٍ وتوقيرٍ وتعظيمٍ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة أي تواضَع لهما بفعْلك، وقل ربِّ ارْحمهما كما ربَّياني صغيرًا أي في كبرهما وعند وفاتهما.
فليس لك أن تدعو عليه؛ لأن ذلك يتنافَى مع معاملته بالمعروف والبرّ به وعدم التأفُّف منه، فالأب وإن كان ظالمًا أو حتى كافرًا لا يجوز لنا عقوقه، وسوف يحاسبه الله على تقصيره في القيام بواجباته الشرعية، وسوف يجازينا على برِّنا له وإحساننا إليه وصبرنا عليه.
واعلم أنه ليس له طاعة إذا أمَرَ بمعصية الله أو أمرَ بالإشراك بالله، فهنا لا تجوز طاعته ولكن يجب برُّه وصلته رغم كفره، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ?وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ? (لقمان: 15).. فلتصبر على هذا البلاء، ولتدعُ له بالهداية والمغفرة.[/align]