إن المتتبع لدوريات كرة القدم العربية التي يُبَث أغلبها حصراً على قنوات ART سبورت، يرى الكم الهائل من التعديل والتأجيل في مواعيد المباريات، الذي قد يصل إلى عدة شهور، الأمر الذي ترجعه اتحادات الكرة العربية إلى ارتباطات بعض أنديتها ببطولات عربية وقارّية، أو إلى الاستحقاقات التي تنتظر منتخبات بلدانها مما يجعل من الصعوبة بمكان الإبقاء على المواعيد ذاتها.
ولو افترضنا أن الحجج التي تطلقها الاتحادات العربية واهية، وتفرض عليها القيام بتأجيل مباريات دورياتها المحلية، ومن شأنها تحقيق المنفعة للأندية المشاركة في البطولات الخارجية، لوجدنا أن جانباً آخر يصيبه الضرر جرّاء هذا التأجيل، ألا وهو الأندية الأخرى التي لا تشارك في المحافل الخارجية، إذ أنها تضطر للابتعاد عن منافسات البطولات المحلية لحين عودة الفرق الكبيرة، وهذا يؤثر سلباً على مستواها، ويُضعِف من فرص منافستها على الألقاب، أو حتى احتلال مراكز متقدمة، في حين أن الفرق الكبيرة يرتقي مستواها بشكل لافت نتيجة المشاركات الخارجيّة؛ الأمر الذي يؤهلها لحصد الألقاب المحلية بقوة، مما يخلق فجوةً بين الأندية الكبيرة والصغير تؤهل الأولى للتقدم والثانية للبقاء في مكانها دون حراك.
ولو ألقينا الضوء على الدوريات الأوروبية لوجدنا الأمر مختلفاً تماماً، فلا تأجيل للمباريات إلا في حوادث عرضية، أو أمور هامة، كما فعل الاتحاد الإسباني لكرة القدم الموسم الماضي، عندما توفي لاعب إشبيلية أنتونيو بويرتا، عدا ذلك لم نرَ مباريات أُجِلت، فالروزنامة ثابتة، والمواعيد دقيقة، الأمر الذي يحافظ على انتظام الدوريات وبالتالي المحافظة على مستوى الأندية الكبيرة والصغيرة بحيث لا يشعر واحد منها بالإجحاف، أو تشعر الجماهير بالملل.
وعند إمعان النظر بحالة اللاعبين في الدوريات الأوروبية، نجد أنهم في الفرق الكبيرة يضطرون للعب ثلاث مباريات في الأسبوع الواحد، محلياً وخارجياً دون تأثر مستواهم، إذ تقاتل فريقهم على جبهات متعددة، بينما لا يتجاوز معدل مباريات الأندية العربية الكبيرة أكثر من مباراة في الأسبوع الواحد، في حين تُؤجل العديد من مباريات الأندية الصغير التي قد تضطر للانتظار طويلاً كي تلعب مباراة واحدة.
ونحن على أبواب الموسم الجديد، نلفت نظر الاتحادات العربيّة إلى أن الارتقاء بمستوى دورياتها يحتاج إلى نظام متكامل، وخطة محكمة الدِّقة كما هو الحال في دوريات أوروبا وغيرها، بحيث لا ننصف أندية ونظلم أخرى، فانتظام الدوري مسألة غاية في الأهمية، تضمن للأندية تطوراً في مستواها، وللمنتخبات العربية رافداً لا ينضب، وللجماهير العريضة متعةً دون انقطاع، وللكرة العربية رقي يؤهلها لاحتلال مراكز عالمية متقدمة.