بسم الله الرحمن الرحيم
أخي - أختي القارئ(ة)، يعتبر الساحر إنسانا مجردا من كل القيم الإنسانية، ولا يؤمن له جانب. ويعتبر الساحر حليف إبليس في الأرض وهو دسيسة على وبين خلق الله. كما أنه لا يِِؤتمن على توصيل عقيدة أو يوقظ ضميرا نائما، لأنه وبصنع يده جرد نفسه من أي عمل رحماني. فإنه قام بتبديل النورانية بالظلمانية والرحمانية بالشيطانية. وللساحر تعاون مباشر مع شياطين الجن والطواغيت منهم، وهم جميعا داخل دائرة شيطانية واحدة. والدائرة الشيطانية هذه لها ركائز عدة، دعونا نفسر بعض ما هي عليه، أن رأس هذه الدائرة إبليس اللعين. وهناك نظام للعمل والعقيدة لكل من دخل هذه الدائرة الشيطانية.
أولا: العقيدة. تكون العقيدة عند من دخل هذه الدائرة هي التبرؤ من عبادة أي اله إلا إبليس. فيتبرأ الساحر من الله وملائكته وكتبه ورسله، ويعلن ولاءه الكامل لإبليس اللعين. أما طريقة العبادة فهي على النحو التالي: فإنه يوجد لإبليس اللعين عرش، ويحمل عرشه كبار الشياطين، وعددهم ثمانية، ولإبليس اللعين مائة اسم من الأسماء التي تدخل في العزائم التي يقرأها الساحر. وله أسرار توزيع الخدمة وهي الطلاسم، وعددها مائة. وهذه الأسماء التي تعود لإبليس اللعين والطلاسم هي، همزة الوصل لكل من دخل هذه الدائرة الشيطانية. ويقوم عباد إبليس بذبح القرابين له ولمساعديه، وهي عبارة عن ذبح لا يسمى عليه، ويكون على نية شيطانية ويدهنون أجسامهم بدم هذه القرابين. وفروض عبادتهم تعظيم أسماء إبليس وتعظيم طلاسمه وتعظيم عرشه الفاني. كما أن أذية عباد الله وإغوائهم وطغيانهم عندهم عبادة، كما أن النجاسة وهي التلذذ بمعصية الله عندهم عباده، كما أن تدنيس القرآن عندهم عبادة. لعنة الله على العابد والمعبود وهو إبليس. إذن فهمنا من هذه التفسيرات أنه يوجد في هذه الدائرة الشيطانية شياطين من الإنس والجن. وشياطين الإنس فيها هم السحرة.
ومن ينتمي لهذه الدائرة من الإنس هو ساحر من الدرجة الأولى. فهو ساحر العمل والعقيدة. وهو مشرك بالله ومضر بالناس. أما باقي السحرة فهم على النحو التالي: بعد ساحر الدرجة الأولى
فهم سحرة الدرجة الثانية وهم الذين يرتبطون بهذه الدائرة الشيطانية بطريق غير مباشرة وهم سحرة العمل بدون العقيدة أي الذين يعظمون الأسماء الشيطانية والطلاسم ويعرفونها من خلال الكتب والمكائد ويعملون بها ويطلق عليهم اسم المشعوذون.
أما ساحر الدرجة الثالثة: فهو المنجم أو الفلكي أو العراف فالمنجم هو الذي ينبئ بعلم الغيب. والفلكي هو الذي يعمل على طريقة السحر الرقمي والحساب وهو ينبئ بالغيب. والعراف هو من يضرب الرمل ويقرأ الكف ويقرأ الفنجان. والمنجم هو الذي يتوقع الغيب عن طريق الكواكب السيارة والنجوم وتأثيرها على الإنسان، وهو من يبين الأبراج الفلكية من اعرف برجك الى آخره.
أما ساحر الدرجة الرابعة فهو صاحب ألعاب السيم وصاحب ما يسمى القوة الخارقة كموظفي السرك وآكلي الجمر ومخيطي الوجوه وقاهري العفاريت إلى آخره.
ويدعي كل هؤلاء السحرة بأن هذه الأمور علم، وأنا أقول لهم نعم علم ولكنه علم شيطاني، بإشراف أصحاب الدائرة الشيطانية وبمدد من إبليس وأعوانه. لعنة الله عليهم أجمعين. فمن يعرف هذه الحقيقة فهو مشرك، ومن لا يعرف الحقيقة فهو مغفل قد غوى. ونفسر كيف يمد هؤلاء السحرة من الدائرة الشيطانية بطريقة غير مباشرة. أنهم يبعثون لهم شياطين الجن من الدائرة نفسها ليحدثوهم عن طريق الوسواس بالصدور، فتصله هذه المعلومات فيعمل بها، ويكون تفسيره لهذه الأمور أن عنده قوة الحدث أو عنده الحاسة السادسة.
فأقول لهؤلاء المغفلين: إن كان الخالق خلق للإنسان حواسا خمسا فمن أين أتت الحاسة السادسة ومن أوجدها. عليكم التفكير قليلا فستعلمون من أوجدها. ومصلحة الدائرة الشيطانية في مد هؤلاء السحرة كثيرة، منها ليكونوا منتمين لهذه الدائرة بالعمل وبالهدف وهو الفساد في الأرض، وإغواء أكبر عدد ممكن من عباد الله. فأقول للذي يعمل لصالح هذه الدائرة من حيث لا يعلم أن يعيد حساباته ويترك هذه الأعمال ويتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، لأن من تمسك بهما لا يضل الطريق الصحيح أبدا.
ونأتي الآن إلى نصائح رب العالمين التي تدلنا على الحرص من كيد الشيطان، وهي آيات من القرآن الكريم. يقول الله عز وجل: {قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا أن الشيطان للإنسان عدو مبين (5)} سورة "يوسف".
ويقول الله عز وجل: { لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (18)لأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا (119) يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (120)} سورة "النساء".
ويقول الله عز وجل: {وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا (53)} سورة "الاسراء".
ويقول الله عز وجل: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا (27) يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا (28) لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا (29)} سورة "الفرقان".
ويقول الله عز وجل: {وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون (24)} سورة "النمل". صدق الله العظيم.
هناك آيات كثيرة تدل على مدى الكره والعداوة التي يكنها الشيطان للإنسان. فعلينا الحذر من إبليس وأعوانه من شياطين الإنس والجن. ونحذر أيضا من أن نظلم أنفسنا من انجرارنا ووقوعنا بهذه المستنقعات الشيطانية والتعامل مع أصحابها.
لأن الله العظيم يقول بكتابه العزيز: {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (44)} سورة "يونس".
صدق الله العظيم الستار وبلغ الرسالة النبي الكريم المختار صلى الله عليه وعلى اله المصطفيين الأخيار.